4171 - فجاء بها ما شئت من لطمية على وجهها ماء الفرات يموج
قال كما قال تعالى: مكي: على رجل من القريتين أي: من إحدى القريتين، وحذف المضاف كثير شائع"، وقيل: هو كقوله: نسيا حوتهما وإنما الناسي فتاه، ويعزى هذا وقيل: يخرج من أحدهما اللؤلؤ، ومن الآخر المرجان. وقيل: بل يخرجان منهما جميعا، ثم ذكروا تآويل منها: أنهما يخرجان من الملح في الموضع الذي يقع فيه العذب، وهذا مشاهد عند الغواصين، وهو قول الجمهور فناسب ذلك إسناده إليهما. ومنها قول لأبي عبيدة. تكون هذه الأشياء في البحر بنزول المطر، والصدف تفتح أفواهها للمطر وقد شاهده الناس. ومنها: أن العذب في الملح كاللقاح كما يقال: الولد يخرج من الذكر والأنثى. ومنها أنه قيل: " منهما " من حيث هما نوع واحد، فخروج هذه الأشياء إنما هي منهما، كما قال تعالى: ابن عباس: وجعل القمر فيهن نورا وإنما هو في واحدة منهن.
[ ص: 165 ] وقال : فإن قلت: لم قال "منهما" وإنما يخرجان من الملح؟ قلت: لما التقيا وصارا كالشيء الواحد جاز أن يقال: يخرجان منهما، كما يقال: يخرجان من البحر ولا يخرجان من جميع البحر، وإنما يخرجان من بعضه. وتقول: خرجت من البلد، وإنما خرجت من محلة من محاله، من دار واحدة من دوره. وقيل: لا يخرجان إلا من ملتقى الملح والعذب. انتهى. وقال بعضهم: كلام الله أولى بالاعتبار من كلام بعض الناس، فمن الجائز أنه يسوقها من البحر العذب إلى الملح، واتفق أنهم لم يخرجوها إلا من الملح، وإذا كان في البر أشياء تخفى على التجار المترددين القاطعين للمفاوز، فكيف بما في قعر البحر؟ والجواب عن هذا: أن الله تعالى لا يخاطب الناس ولا يمتن عليهم إلا بما يألفون ويشاهدون. الزمخشري
واللؤلؤ قيل: كبار الجوهر. والمرجان صغاره، وقيل بالعكس، وأنشدوا قول الأعشى:
4172 - من كل مرجانة في البحر أحرزها تيارها ووقاها طينها الصدف
أراد اللؤلؤة الكبيرة. وقيل: المرجان حجر أحمر. وقيل: حجر شديد البياض، والمرجان أعجمي. قال ابن دريد: "لم أسمع فيه فعلا متصرفا". واللؤلؤ بناء غريب، لم يرد على هذه الصيغة إلا خمسة ألفاظ: [ ص: 166 ] اللؤلؤ، والجؤجؤ وهو الصدر، والدؤدؤ، واليؤيؤ لطائر، والبؤبؤ بالموحدتين، وهو الأصل. واللؤلؤ بضمتين والهمز هو المشهور، وإبدال الهمزة واوا شائع فصيح وقد تقدم ذلك.
وقرأ "اللؤلئي" بكسر اللام الثالثة، وهي لغة محفوظة. ونقل عنه طلحة أبو الفضل "اللؤلي" بقلب الهمزة الأخيرة ياء ساكنة كأنه لما كسر ما قبل الهمزة قلبها ياء استثقالا. وقرأ في رواية "يخرج" أي الله تعالى. وروي عنه أيضا وعن أبو عمرو ابن مقسم "نخرج" بنون العظمة. واللؤلؤ والمرجان في هاتين القراءتين منصوبان.