الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (14) قوله: يوم ترجف : فيه أوجه، أحدها: أنه منصوب بـ "ذرني"، وفيه بعد. والثاني: أنه منصوب بالاستقرار المتعلق به "لدينا". والثالث: أنه صفة لـ "عذابا" فيتعلق بمحذوف، أي: عذابا واقعا يوم ترجف. والرابع: أنه منصوب بـ "أليم". والعامة "ترجف" بفتح التاء وضم الجيم مبنيا للفاعل، وزيد بن علي يقرؤه مبنيا للمفعول من أرجفها.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: مهيلا أصله مهيول كمضروب، فاستثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى الساكن قبلها، وهو الهاء، فالتقى ساكنان. فاختلف النحاة في العمل في ذلك: فسيبويه وأتباعه حذفوا الواو، وكانت أولى بالحذف; [ ص: 525 ] لأنها زائدة، وإن كانت القاعدة أن ما يحذف لالتقاء الساكنين الأول، ثم كسروا الهاء لتصح الياء، ووزنه حينئذ مفعل. والكسائي والفراء والأخفش حذفوا الياء; لأن القاعدة في التقاء الساكنين إذا احتيج إلى حذف أحدهما حذف الأول وكان ينبغي على قولهم أن يقال: فيه: مهول، إلا أنهم كسروا الهاء لأجل الياء التي كانت، فقلبت الواو ياء، ووزنه حينئذ مفولا على الأصل، ومفيلا بعد القلب.

                                                                                                                                                                                                                                      قال مكي: "وقد أجازوا كلهم أن يأتي على أصله في الكلام فتقول: مهيول ومبيوع، وما أشبه ذلك من ذوات الياء. فإن كان من ذوات الواو لم يجز أن يأتي على أصله عند البصريين، وأجازه الكوفيون نحو: مقوول ومصووغ، وأجازوا كلهم مهول ومبوع على لغة من قال: بوع المتاع، وقول القول، ويكون الاختلاف في المحذوف منه على ما تقدم". قلت: التتميم في مبيوع ومهيول وبابه لغة تميم، والحذف لغة سائر العرب. ويقال: هلت التراب أهيله هيلا فهو مهيل. وفيه لغة: أهلته - رباعيا - إهالة فهو مهال نحو: أبعته إباعة فهو مباع.

                                                                                                                                                                                                                                      والكثيب: ما اجتمع من الرمل والجمع في القلة: أكثبة، وفي الكثرة: كثبان وكثب، كرغيف وأرغفة ورغفان ورغف. قال ذو الرمة:


                                                                                                                                                                                                                                      4373- فقلت لها: لا إن أهلي جيرة لأكثبة الدهنا جميعا وماليا



                                                                                                                                                                                                                                      والمهيل: ما انهال تحت القدم، أي: انصب، من هلت التراب، [ ص: 526 ] أي: طرحته، قال الزمخشري : "من كثبت الشيء إذا جمعته، ومنه الكثبة من اللبن. قالت الضائنة: أجز جفالا وأحلب كثبا عجالا".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية