الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (3) قوله: وكل أمر مستقر : العامة على كسر القاف [ ص: 121 ] ورفع الراء اسم فاعل ورفعه خبرا لـ "كل" الواقع مبتدأ. وقرأ شيبة بفتح القاف، وتروى عن نافع. قال أبو حاتم : "لا وجه لها" وقد وجهها غيره على حذف مضاف، أي: وكل أمر ذو استقرار، أو زمان استقرار أو مكان استقرار، فجاز أن يكون مصدرا، وأن يكون ظرفا زمانيا أو مكانيا، قال معناه الزمخشري .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ أبو جعفر وزيد بن علي بكسر القاف وجر الراء وفيها أوجه، أحدها: ولم يذكر الزمخشري غيره أن يكون صفة لأمر. ويرتفع "كل" حينئذ بالعطف على "الساعة"، فيكون فاعلا، أي: اقتربت الساعة وكل أمر مستقر. قال الشيخ : "وهذا بعيد لوجود الفصل بجمل ثلاث، وبعيد أن يوجد مثل هذا التركيب في كلام العرب نحو: أكلت خبزا، وضربت خالدا، وإن يجئ زيد أكرمه، ورحل إلى بني فلان، ولحما، فيكون "ولحما" معطوفا على "خبزا" بل لا يوجد مثله في كلام العرب". انتهى. قلت: وإذا دل دليل على المعنى فلا نبالي بالفواصل. وأين فصاحة القرآن من هذا التركيب الذي ركبه هو حتى يقيسه عليه في المنع؟

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني: أن يكون "مستقر" خبرا لـ "كل أمر" وهو مرفوع، إلا أنه [ ص: 122 ] خفض على الجوار، قاله أبو الفضل الرازي. وهذا لا يجوز; لأن الجوار إنما جاء في النعت أو العطف، على خلاف في إثباته، كما قدمت لك الكلام فيه مستوفى في سورة المائدة. فكيف يقال في خبر المبتدأ: هذا ما لا يجوز؟ الثالث: أن خبر المبتدأ قوله "حكمة بالغة" أخبر عن كل أمر مستقر بأنه حكمة بالغة، ويكون قوله: "ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر" جملة اعتراض بين المبتدأ وخبره. الرابع: أن الخبر مقدر، فقدره أبو البقاء : معمول به، أو أتى. وقدره غيره: بالغوه لأن قبله وكذبوا واتبعوا أهواءهم ، أي: وكل أمر مستقر لهم في القدر من خير أو شر بالغوه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية