الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 159 ] آ. (12) قوله: والحب ذو العصف والريحان : قرأ ابن عامر بنصب الثلاثة. وفيه ثلاثة أوجه: النصب على الاختصاص، أي: وأخص الحب، قاله الزمخشري . وفيه نظر; لأنه لم يدخل في مسمى الفاكهة والنخل حتى يخصه من بينها، وإنما أراد إضمار فعل وهو أخص، فليس هو الاختصاص الصناعي. الثاني: أنه معطوف على الأرض. قال مكي: "لأن قوله "والأرض وضعها"، أي: خلقها، فعطف "الحب" على ذلك". الثالث: أنه منصوب بـ "خلق" مضمرا، أي: وخلق الحب. قال مكي: "أو وخلق الحب" وقرأ به موافقة لرسم مصاحف بلده، فإن مصاحف الشام "ذا" بالألف. وجوزوا في "الريحان" أن يكون على حذف مضاف، أي: وذا الريحان فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه كـ واسأل القرية .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الأخوان برفع الأولين وجر "الريحان" عطفا على "العصف"، وهي تؤيد قول من حذف المضاف في قراءة ابن عامر. والباقون برفع الثلاثة عطفا على فاكهة، أي: وفيها أيضا هذه الأشياء. ذكر أولا ما يتلذذون به من الفواكه، وثانيا الشيء الجامع بين التلذذ والتغذي وهو ثمر النخل، وثالثا ما يتغذى به فقط، وهو أعظمها، لأنه قوت غالب [ ص: 160 ] الناس. ويجوز في الريحان على هذه القراءة أن يكون معطوفا على ما قبله، أي: وفيها الريحان أيضا، وأن يكون مجرورا بالإضافة في الأصل، أي: وذو الريحان ففعل به ما تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      والعصف: ورق الزرع. وقيل: التبن. وأصله كما قال الراغب : من "العصف والعصيفة وهو ما يعصف، أي: يقطع من الزرع"، وقيل: هو حطام النبات. والريح العاصف: التي تكسر ما تمر عليه وقد مر ذلك. والريحان في الأصل: مصدر ثم أطلق على الرزق كقولهم: "سبحان الله وريحانه"، أي: استرزاقه وقيل: الريحان هنا هو المشموم.

                                                                                                                                                                                                                                      وفي الريحان قولان، أحدهما: أنه على فعلان كالليان من ذوات الواو. والأصل: روحان. قال أبو علي: فأبدلت الواو ياء، كما أبدلوا الياء واوا في "أشاوى". والثاني: أن يكون أصله ريوحان، على وزن فيعلان، فأبدلت الواو ياء، وأدغمت فيها الياء، ثم خفف بحذف عين الكلمة كما قالوا: كينونة وبينونة. والأصل تشديد الياء فخففت كما خفف هين وميت. قال مكي: "ولزم تخفيفه لطوله بلحاق الزيادتين". ثم رد قول الفارسي بأنه لا موجب لقلبها ياء ثم قال: "وقال بعض الناس" فذكر ما قدمته عن أبي علي إلى آخره.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية