وقرأ "ليركبن" بياء الغيبة وضم الباء على الإخبار عن الكفار. وقرأ عمر أيضا عمر بالغيبة وفتح الباء، أي: ليركبن الإنسان. وقيل: ليركبن القمر أحوالا من سرار واستهلال وإبدار. وقرأ وابن عباس عبد الله "لتركبن" بكسر حرف المضارعة وقد تقدم تحقيقه في الفاتحة. وقرأ بعضهم بفتح حرف المضارعة وكسر الباء على إسناد الفعل للنفس، أي: لتركبن أنت يا نفس. وابن عباس
قوله: طبقا مفعول به، أو حال كما سيأتي بيانه. والطبق: قال : "ما طابق غيره. يقال: ما هذا بطبق لذا، أي: لا يطابقه. ومنه قيل للغطاء: الطبق. وأطباق الثرى: ما تطابق منه، ثم قيل للحال المطابقة لغيرها: طبق. ومنه قوله تعالى: الزمخشري طبقا عن طبق ، أي: حالا بعد حال، كل واحدة مطابقة لأختها في الشدة والهول. ويجوز أن يكون جمع "طبقة" وهي المرتبة، من قولهم: هم على طبقات، ومنه "طبقات الظهر" لفقاره، الواحدة طبقة، على معنى: لتركبن أحوالا بعد أحوال هي طبقات في الشدة، بعضها أرفع من بعض، وهي الموت [ ص: 739 ] وما بعده من مواطن القيامة". انتهى. وقيل: المعنى: لتركبن هذه الأحوال أمة بعد أمة. ومنه قول فيه عليه السلام: العباس
4530- وأنت لما ولدت أشرقت الـ أرض وضاءت بنورك الطرق
تنقل من صالب إلى رحم إذا مضى عالم بدا طبق
يريد: بدا عالم آخر: فعلى هذا التفسير يكون "طبقا" حالا لا مفعولا به. كأنه قيل: متتابعين أمة بعد أمة. وأما قول الأقرع:
4531- إني امرؤ قد حلبت الدهر أشطره وساقني طبقا منه إلى طبق
فيحتمل الأمرين، أي: ساقني من حالة إلى أخرى، أو ساقني من أمة وناس إلى أمة وناس آخرين، ويكون نصب "طبقا" على المعنيين على التشبيه بالظرف، أو الحال، أي: منتقلا. والطبق أيضا: ما طابق الشيء، أي: ساواه، ومنه دلالة المطابقة. وقال امرؤ القيس:
4532- ديمة هطلاء فيها وطف طبق الأرض تحرى وتدر
وفي محلها وجهان، أحدهما: أنها في محل نصب على الحال من فاعل "تركبن". والثاني: أنها صفة لـ "طبقا". قال : "فإن قلت: ما محل "عن طبق"؟ قلت: النصب على أنه صفة لـ الزمخشري "طبقا"، أي: طبقا مجاوزا لطبق، أو حال من الضمير في "لتركبن"، أي: لتركبن طبقا مجاوزين لطبق أو مجاوزا أو مجاوزة على حسب القراءة".
وقال : "وعن بمعنى بعد. والصحيح أنها على بابها، وهي صفة، أي: طبقا حاصلا عن طبق، أي: حالا عن حال. وقيل: جيلا عن جيل". انتهى. يعني الخلاف المتقدم في الطبق ما المراد به؟ هل هو الحال أو الجيل أو الأمة؟ كما تقدم نقله، وحينئذ فلا يعرب "طبقا" مفعولا به بل حالا، كما تقدم، لكنه لم يذكر في "طبقا" غير المفعول به. وفيه نظر لما تقدم من استحالته معنى، إذ يصير التقدير: لتركبن أمة بعد أمة، فتكون الأمة مركوبة لهم، وإن كان يصح على تأويل بعيد جدا وهو حذف مضاف، أي: لتركبن سنن أو طريقة طبق بعد طبق. أبو البقاء