بسم الله الرحمن الرحيم
آ. (1) قوله: إذا السماء : كقوله: إذا الشمس كورت في إضمار الفعل وعدمه. وفي "إذا" هذه احتمالان، أحدهما: أن تكون شرطية. والثاني: أن تكون غير شرطية. فعلى الأول في جوابها خمسة أوجه، أحدها: أنه "أذنت"، والواو مزيدة. الثاني: أنه "فملاقيه"، أي: فأنت ملاقيه. وإليه ذهب الأخفش. الثالث: أنه يا أيها الإنسان على حذف الفاء. الرابع: أنه يا أيها الإنسان أيضا، ولكن على إضمار القول، أي: يقال: يا أيها الإنسان. الخامس: أنه مقدر تقديره: بعثتم. وقيل: تقديره: لاقى كل إنسان كدحه. وقيل: هو ما صرح به في سورتي التكوير والانفطار، وهو قوله: " علمت نفس " ، قاله ، وهو حسن. الزمخشري
وعلى الاحتمال الثاني فيها وجهان، أحدهما: أنها منصوبة مفعولا [ ص: 730 ] بها، بإضمار اذكر. والثاني: أنها مبتدأ، وخبرها "إذا" الثانية، والواو مزيدة، تقديره: وقت انشقاق السماء وقت مد الأرض، أي: يقع الأمران في وقت واحد، قاله أيضا. والعامل فيها إذا كانت ظرفا عند الجمهور جوابها: إما الملفوظ به، وإما المقدر. وقال الأخفش : وقيل: العامل "انشقت". وقال مكي قال بعض النحاة: العامل "انشقت"، وأبى ذلك كثير من أئمتهم; لأن "إذا" مضافة إلى "انشقت"، ومن يجز ذلك تضعف عنده الإضافة ويقوى معنى الجزاء. ابن عطية:
وقرأ العامة "انشقت" بتاء التأنيث ساكنة، وكذلك ما بعده. وقرأ في رواية أبو عمرو عبيد بن عقيل بإشمام الكسر في الوقف خاصة، وفي الوصل بالسكون المحض. قال أبو الفضل: "وهذا من التغييرات التي تلحق الروي في القوافي. وفي هذا الإشمام بيان أن هذه التاء من علامة تأنيث الفعل للإناث، وليست مما تنقلب في الأسماء، فصار ذلك فارقا بين الاسم والفعل فيمن وقف على ما في الأسماء بالتاء، وذلك لغة طيئ، وقد حمل في المصاحف بعض التاءات على ذلك". [ ص: 731 ] وقال وقرأ ابن عطية: "انشقت" يقف على التاء كأنه يشمها شيئا من الجر، وكذلك في أخواتها. قال أبو عمرو :" سمعت أعرابيا فصيحا في بلاد قيس يكسر هذه التاءات". وقال أبو حاتم ابن خالويه: "انشقت" بكسر التاء عبيد عن . قلت: كأنه يريد إشمام الكسر، وأنه في الوقف دون الوصل لأنه مطلق، وغيره مقيد، والمقيد يقضي على المطلق. وقال الشيخ : وذلك أن الفواصل تجري مجرى القوافي، فكما أن هذه التاء تكسر في القوافي تكسر في الفواصل. ومثال كسرها في القوافي قول كثير عزة: أبي عمرو
4520- وما أنا بالداعي لعزة بالردى ولا شامت إن نعل عزة زلت
وكذلك باقي القصيدة، وإجراء الفواصل في الوقف مجرى القوافي مهيع معروف، كقوله تعالى: الظنونا الرسولا في الأحزاب، وحمل الوصل على الوقف موجود أيضا.