فصل في كيفية القطع وإثباته
قال ( ويقطع يمين السارق من الزند ويحسم ) فالقطع لما تلوناه من قبل ، واليمين بقراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، ومن الزند لأن الاسم يتناول اليد إلى الإبط ، وهذا المفصل : أعني الرسغ متيقن به ، [ ص: 394 ] كيف وقد صح أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بقطع يد السارق من الزند ، والحسم لقوله عليه الصلاة والسلام { فاقطعوه واحسموه ، } ولأنه لو لم يحسم يفضي إلى التلف والحد زاجر لا متلف [ ص: 395 ] ( فإن سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى ، فإن سرق ثالثا لم يقطع وخلد في السجن حتى يتوب ) وهذا استحسان ويعزر أيضا ، ذكره المشايخ رحمهم الله . وقال الشافعي رحمه الله : في الثالثة تقطع يده اليسرى ، وفي الرابعة تقطع رجله اليمنى لقوله عليه الصلاة والسلام { من سرق فاقطعوه ، فإن عاد فاقطعوه ، فإن عاد فاقطعوه } ويروى مفسرا كما هو مذهبه ، ولأن الثالثة مثل الأولى في كونها جناية بل فوقها فتكون أدعى إلى شرع الحد .
[ ص: 396 ] ولنا قول علي رضي الله عنه فيه : إني لأستحي من الله تعالى أن لا أدع له يدا يأكل بها ويستنجي بها ورجلا يمشي [ ص: 397 ] عليها ، بهذا حاج بقية الصحابة رضي الله عنهم فحجهم فانعقد إجماعا ، ولأنه إهلاك معنى لما فيه من تفويت جنس المنفعة والحد زاجر ، ولأنه نادر الوجود والزجر فيما يغلب وقوعه بخلاف القصاص لأنه حق العبد فيستوفى ما أمكن جبرا لحقه . والحديث طعن فيه الطحاوي رحمه الله أو نحمله على السياسة


