الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو قال لها : أنت خلية أو برية أو أمرك بيدك فاختارت نفسها ثم وطئها في العدة وقال : علمت أنها علي حرام لم يحد ) لاختلاف الصحابة رضي الله عنهم فيه ; فمن مذهب عمر أنها تطليقة رجعية ، وكذا الجواب في سائر الجنايات [ ص: 255 ] وكذا إذا نوى ثلاثا لقيام الاختلاف مع ذلك

التالي السابق


وبخلاف ما إذا طلقها بالكناية كأن ( قال أنت خلية أو أمرك بيدك فاختارت نفسها ) ونحوه ( ثم وطئها في العدة وقال علمت أنها علي حرام لا يحد لاختلاف الصحابة ) في الكناية ( فمن مذهب عمر أنها ) أي الكنايات ( رجعية ) وكذا عن ابن مسعود . ففي مصنف عبد الرزاق : حدثنا الثوري عن منصور ، حدثني إبراهيم عن علقمة والأسود أن ابن مسعود : جاء إليه رجل فقال : كان بيني وبين امرأتي كلام فقالت : لو كان الذي بيدك من أمري بيدي لعلمت كيف أصنع ، قال : فقلت لها : قد جعلت أمرك بيدك فقالت : أنا طالق ثلاثا . قال ابن مسعود : أراها واحدة وأنت [ ص: 255 ] أحق بالرجعة ، وسألنا أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه فقال : ماذا قلت ؟ قال : قلت أراها واحدة وهو أحق بها ، قال : وأنا أرى ذلك ، وزاد من طريق آخر : ولو رأيت غير ذلك لم تصب .

وأخرج ابن أبي شيبة عنهما في مصنفه أنهما قالا في البرية والخلية هي تطليقة واحدة وهو أملك برجعتها . وأخرج محمد بن الحسن في الآثار : أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما كانا يقولان في المرأة إذا خيرها زوجها فاختارته فهي امرأته ، وإن اختارت نفسها فهي تطليقة وزوجها أملك بها .

ومن مذهب علي في خلية وبرية أنها ثلاث على ما أخرجه عنه ابن أبي شيبة إلى غير ذلك مما عن غيرهم فيها أنها واحدة أو ثلاث ، وبهذا يعرف خطأ من بحث في المختلعة وقال : ينبغي كونها من ذوات الشبهة الحكمية لاختلاف الصحابة في الخلع ، وهذا غلط ; لأن اختلافهم فيه إنما هو في كونه فسخا أو طلاقا ، وعلى كل حال الحرمة ثابتة فإنه لم يقل أحد : إن المختلعة على مال تقع فرقتها طلاقا رجعيا ، وكذا لو نوى ثلاثا بالكناية فوقعن فوطئها في العدة عن الطلاق الثلاث وقال علمت أنها حرام لا يحد لتحقق الاختلاف ، وإذا كان كذلك كان هذا من قبيل الشبهة الحكمية ، وعرف أن تحققها لقيام الدليل ، والثابت هنا قيام الخلاف ، ولم يعتبره أبو حنيفة حتى لم يخفف النجاسة به ; فوجهه أن قول المخالف عن دليل قائم ألبتة ، وإن كان غير معمول به كما أن قوله عليه الصلاة والسلام : { أنت ومالك لأبيك } غير معمول به في إثبات حقيقة ملك الأب لمال ابنه نفسه ، وهذه المسألة يلغز بها فيقال : مطلقة ثلاثا وطئت في العدة وقال علمت حرمتها لا يحد ، وهي ما وقوع الثلاث عليها بالكناية




الخدمات العلمية