الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن قال لامرأته يا زانية فقالت لا بل أنت حدت المرأة ولا لعان ) لأنهما قاذفان وقذفه يوجب اللعان وقذفها الحد ، وفي البداءة بالحد إبطال اللعان ; لأن المحدود في القذف ليس بأهل له ولا إبطال في عكسه أصلا فيحتال للدرء ، إذ اللعان في معنى الحد ( ولو قالت زنيت بك فلا حد ولا لعان ) معناه قالت بعدما قال لها يا زانية لوقوع الشك في كل واحد منهما لأنه يحتمل أنها أرادت الزنا قبل النكاح فيجب الحد دون اللعان لتصديقها إياه وانعدامه منه [ ص: 333 ] ويحتمل أنها أرادت زناي ما كان معك بعد النكاح لأني ما مكنت أحدا غيرك . وهو المراد في مثل هذه الحالة ، وعلى هذا الاعتبار يجب اللعان دون الحد على المرأة لوجود القذف منه وعدمه منها فجاء ما قلنا .

التالي السابق


( قوله ومن قال لامرأته يا زانية فقالت لا بل أنت ، حدت المرأة خاصة ) إذا ترافعا ( ولا لعان لأنهما قاذفان وقذف الرجل زوجته يوجب اللعان وقذفها إياه يوجب الحد عليها ) والأصل أن الحدين إذا اجتمعا وفي تقديم أحدهما إسقاط الآخر وجب تقديمه احتيالا للدرء ، واللعان قائم مقام الحد فهو في معناه ، وبتقديم حد المرأة يبطل اللعان لأنها تصير محدودة ، في قذف ، واللعان لا يجري بين المحدودة في القذف وبين زوجها لأنه شهادة ولا شهادة للمحدود في القذف ، وبتقديم اللعان لا يسقط حد القذف عنها لأن حد القذف يجري على الملاعنة ، ولهذا لو قال لها يا زانية بنت الزانية فخاصمته الأم فحد سقط اللعان لأنه شهادة ، فلو خاصمت المرأة أولا لاعن القاضي بينهما ، فإذا خاصمت الأم بعده حد للقذف فقدمنا الحد درءا للعان الذي هو في معناه ( ولو ) كانت ( قالت ) في جواب قوله يا زانية ( زنيت بك فلا حد ولا لعان لوقوع الشك في كل منهما لأنه يحتمل أنها أرادت الزنا قبل النكاح ) فتكون قد صدقت في نسبتها إلى الزنا فيسقط اللعان وقذفته حيث نسبته إلى الزنا ولم يصدقها عليه وهذا معنى قوله ( وانعدامه منه ) أي انعدام التصديق منه فيجب الحد دون [ ص: 333 ] اللعان ( ويحتمل أنها أرادت زناي ما كان من تمكيني إياك بعد النكاح ) وهذا كلام يجري بين الزوجين في العادة مجرى مجاز المشاكلة مثل قوله وجزاء سيئة سيئة مثلها ، فإن فعلها معه بعد الزوجية ليس زنا ، كما أن الجزاء ليس سيئة ولكن أطلق عليه اسمه للمشاكلة حين ذكر معه ، وعلى تقدير هذا لا حد عليها لأنها لم تقذفه ، ويجب اللعان لأنه قذف زوجته ، فعلى تقدير يجب الحد دون اللعان ، وعلى تقدير يجب اللعان دون الحد ، والحكم بتعين أحد التقديرين بعينه متعذر ، فوقع الشك في كل من وجوب اللعان والحد فلا يجب واحد منهما بالشك ، وهذا معنى قوله ( فجاء ما قلنا ) أي من أنه لا حد ولا لعان .

ولولا أن مثل قولها معلوم الوقوع من المرأة على كل من القصدين عند ابتدائه إياها بالإغاظة لوجب حدها ألبتة عينا بقذفها إياه . إذ النسبة إلى الزنا تنصرف إلى الحقيقة ، ومذهب الشافعي في مسألة الكتاب أن تحلف الزوجة أنها لم ترد الإقرار بالزنا ولم ترد قذفه ويكتفي بيمين واحدة في وجه ، وعلى الزوج الحد دونها لأن هذا منها ليس إقرارا صحيحا بالزنا . وبقولنا قال أحمد . ولو ابتدأت الزوجة فقالت لزوجها زنيت بك ثم قذفها الزوج لا حد عليه ولا لعان . وهذا ظاهر




الخدمات العلمية