4994 4995 ص: فإن قال قائل: فما حاجتهم إلى ذكر هذا؟
قيل له: لما قد روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.
حدثنا يونس ، قال: سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن مجاهد ، عن ابن عباس، قال: "كان القصاص في بني إسرائيل ، ولم يكن فيهم دية. فقال الله -عز وجل- لهذه الأمة: كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر إلى قوله: فمن عفي له من أخيه شيء والعفو في أن يقبل الدية في العمد ذلك تخفيف من ربكم ورحمة مما كان كتب على من كان قبلكم".
فأخبر ابن عباس: -رضي الله عنهما- أن بني إسرائيل لم يكن فيهم دية، أي: إن ذلك كان حراما عليهم أن يأخذوه أو يتعرضوا بالدم بدلا أو يتركوه حتى يسفكوه ، وأن ذلك مما كان كتب عليهم، فخفف الله تعالى عن هذه الأمة ونسخ ذلك الحكم بقوله: فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان إذا وجب الأداء.
وسنبين ما قيل في ذلك في موضعه من هذا الباب إن شاء الله تعالى. فبين لهم رسول الله -عليه السلام- أيضا على هذه الجهة فقال: "من قتل له ولي فهو بالخيار بين أن يقتص أو يعفو أو يأخذ الدية" التي أبيحت لهذه الأمة، وجعل لهم أخذها إذا [ ص: 224 ] أعطوها. هذا وجه يحتمله هذا الحديث. وليس لأحد إذا كان حديث مثل هذا يحتمل وجهين متكافئين أن يعطفه على أحدهما دون الآخر إلا بدليل من غيره يدل أن معناه ما عطفه عليه.


