الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5037 5038 ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: قد يجوز أن يكون النبي -عليه السلام- سأل اليهودي فأقر بما ادعت الجارية عليه من ذلك، فقتله بإقراره لا بدعوى الجارية، [ ص: 331 ] فاعتبرنا الآثار [التي] قد جاءت في ذلك، هل نجد فيها على شيء من ذلك دليلا؟

                                                فإذا ابن أبي داود حدثنا، قال: ثنا أبو عمر الحوضي ، قال: ثنا همام ، عن قتادة ، عن أنس ، - رضي الله عنه - عن النبي -عليه السلام- نحوه، وزاد قال: " فسأله فأقر بما ادعت، فرضخ رأسه بين حجرين".

                                                حدثنا فهد ، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا همام ، عن قتادة ، عن أنس ، - رضي الله عنه -: " أن يهوديا رضخ رأس جارية بين حجرين، فقيل لها: من فعل بك هذا، أفلان؟ أفلان؟ حتى ذكروا اليهودي، فأتي به، فاعترف، فأمر به النبي -عليه السلام- فرض رأسه بالحجارة".

                                                فبين هذا الحديث أن النبي -عليه السلام- إنما قتله بإقراره بما ادعي عليه لا بالدعوى.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم جماهير العلماء، منهم: الأئمة الأربعة وأصحابهم; فإنهم قالوا: لا يجوز أن يقتل أحد بقول المدعي أو بكلامه فضلا بإيمائه برأسه، وأجابوا عما احتج أهل المقالة الأولى من حديث أنس - رضي الله عنه - بأنه قد جاء في بعض طرقه أن قتل النبي -عليه السلام- لذلك اليهودي إنما كان بإقراره واعترافه بذلك، لا بدعوى الجارية.

                                                وأخرجه من طريقين صحيحين:

                                                الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن أبي عمر حفص بن عمر الحوضي شيخ البخاري وأبي داود ، عن همام بن يحيى ، عن قتادة ، عن أنس .

                                                وأخرجه البخاري: ثنا حجاج بن منهال، ثنا همام ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك: "أن يهوديا رض رأس جارية بين حجرين، فقيل لها: من فعل بك هذا، أفلان؟ أفلان؟ حتى سمي اليهودي، فأتي به النبي -عليه السلام- فلم يزل به حتى أقر به، فرض رأسه بالحجارة".

                                                [ ص: 332 ] الثاني: عن فهد بن سليمان ، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي شيخ البخاري ، عن همام بن يحيى ، عن قتادة ، عن أنس .

                                                وأخرجه مسلم: ثنا هداب بن خالد، قال: ثنا همام، قال: ثنا قتادة ، عن أنس بن مالك: "أن جارية وجد رأسها قد رض بين حجرين، فسألوها: من صنع بك هذا؟ فلان؟ فلان؟ حتى ذكروا يهوديا، فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي فأقر، فأمر به رسول الله -عليه السلام- أن يرض رأسه بالحجارة".

                                                وأخرجه أبو داود والترمذي أيضا. وقد استوفينا الكلام فيه في باب: "الرجل يقتل الرجل كيف يقتل"؟




                                                الخدمات العلمية