الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4692 4693 ص: وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قد حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا همام ، عن قتادة ، عن أبي المليح ، عن أبيه: " أن رجلا أعتق [ ص: 92 ] شقصا له في مملوك، فأعتقه النبي -عليه السلام- كله عليه وقال: ليس لله شريك".

                                                حدثنا أحمد بن داود ، قال: ثنا أبو عمر الحوضي ، قال: ثنا همام .... فذكر بإسناده مثله.

                                                فدل قول النبي -عليه السلام-: "ليس لله شريك" على أن العتاق إذا أوجب بعض العبد لله تعالى، انتفى أن يكون لغيره على بقيته ملك; فثبت بذلك أن إعتاق الموسر والمعسر جميعا يبرئان العبد من الرق، فقد وافق هذا الحديث أيضا حديث أبي هريرة، وزاد حديث أبي هريرة عليه وعلى حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - وجوب السعاية للشريك الذي لم يعتق إذا كان المعتق معسرا.

                                                فتصحيح هذه الآثار يوجب العمل بذلك، ويوجب الضمان على المعتق الموسر لشريكه الذي لم يعتق، ، ولا يوجب الضمان على المعتق المعسر، ولكن العبد يسعى في ذلك للشريك الذي لم يعتق. ،

                                                وهذا كله قول أبي يوسف 5 ومحمد، وبه نأخذ.

                                                التالي السابق


                                                ش: ذكر هذا الحديث إشارة إلى أن الإعتاق لا يتجزأ، وإليه ذهب أبو يوسف ومحمد، وتنبيها على أنه في المعنى مثل حديث أبي هريرة، لكن حديث أبي هريرة يزيد عليه وعلى حديث ابن عمر أيضا بوجوب السعاية على العبد للشريك عند إعسار المعتق.

                                                وأشار بقوله: "وبه نأخذ" إلى أنه اختار ما ذهب إليه أبو يوسف ومحمد ومن تبعهما فيه.

                                                وأخرج الحديث المذكور من طريقين صحيحين:

                                                الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي شيخ البخاري ، عن همام بن يحيى ، عن قتادة ، عن أبي المليح عامر -وقيل: زيد -عن أبيه أسامة بن عمير بن عامر الهذلي الصحابي - رضي الله عنه -.

                                                [ ص: 93 ] وأخرجه أبو داود: عن أبي الوليد الطيالسي ، عن همام .... إلى آخره نحوه.

                                                وأخرجه النسائي: عن ابن المثنى ، عن أبي الوليد ، عن همام .... إلى آخره نحوه.

                                                الثاني: عن أحمد بن داود المكي شيخ الطبراني ، عن أبي عمر حفص بن عمر الحوضي شيخ البخاري وأبي داود ، عن همام .... إلى آخره.

                                                وأخرجه الطبراني: عن محمد بن يحيى القزاز ، عن أبي عمر الحوضي وهانئ بن يحيى، كلاهما عن همام ، عن قتادة ، عن أبي المليح ، عن أبيه: "أن رجلا أعتق شقيصا من مملوك، فأجاز النبي -عليه السلام- عتقه، وقال: ليس لله شريك".




                                                الخدمات العلمية