الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4695 4696 4697 4698 ص: حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -عليه السلام-: " لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا، فيشتريه، فيعتقه". .

                                                حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا يحيى بن عيسى ، عن سفيان (ح).

                                                وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان ، عن سهيل .... فذكر بإسناده مثله.

                                                حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا علي بن الجعد، قال: أنا زهير بن معاوية ، عن سهيل .... فذكر بإسناده مثله.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذه أربع طرق صحاح:

                                                الأول: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن سفيان بن عيينة ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه أبي صالح ذكوان الزيات ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه أبو داود: عن محمد بن كثير ، عن سفيان ، عن سهيل .... إلى آخره نحوه.

                                                [ ص: 99 ] الثاني: عن محمد بن عمرو بن يونس ، عن يحيى بن عيسى النهشلي الكوفي ، عن سفيان الثوري ، عن سهيل .... إلى آخره.

                                                وأخرجه النسائي: عن علي بن خشرم ، عن عيسى بن يونس ، عن الثوري ، عن سهيل، به نحوه.

                                                الثالث: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي شيخ البخاري ، عن سفيان ، عن سهيل، نحوه

                                                وأخرجه مسلم: عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن وكيع ، عن سفيان ، عن سهيل، نحوه.

                                                الرابع: عن علي بن معبد بن نوح المصري ، عن علي بن الجعد شيخ البخاري ، عن زهير بن معاوية ، عن سهيل .... إلى آخره نحوه.

                                                قوله: "لا يجزي ولد" معناه لا يعطيه جزاء ما أسلف من إحسانه وبره إليه، وتربيته إياه، وتحمله المشاق له، ومن هذا قولهم: جزاه الله خيرا أي: أعطاه جزاء ما أسلف من طاعته، ويقال: جزي عني هذا الأمر أي قضى.

                                                قوله: "فيعتقه" بالنصب عطفا على قوله: "فيشتريه" وأصل "الفاء" للعطف، وموجبه التعقيب بعتق الرجل، ألا ترى أنهم وصلوا حرف "الفاء" بالجزاء، وسموه حرف الجزاء; لأن الجزاء يتصل بالشرط، على أن يتعقب نزوله وجود الشرط بلا فصل.

                                                وأما "الفاء" هاهنا فلعطف الحكم على العلة كما يقال: جاء الشتاء فتأهب، وكما يقال: ضرب فأوجع أي بذلك الضرب، وأطعم فأشبع أي بذلك الإطعام، وكذا قوله: "فيشتريه فيعتقه" أي بذلك الشراء، ولهذا جعل الشراء إعتاقا في القريب بواسطة الملك.

                                                [ ص: 100 ] قال المحققون من الأصوليين: "الفاء" للتعقيب فلهذا تدخل في الجزاء، فإن قال: "إن دخلت هذه الدار فأنت طالق" فالشرط أن تدخل على الترتيب من غير تراخ. وقد تدخل في المعمول نحو: "جاء الشتاء فتأهب".

                                                وقد يكون المعلول عين العلة في الوجود لكن في المفهوم غيرها، نحو: سقاه فأرواه.

                                                وقوله: "لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه".

                                                وقال الخطابي: قوله: "فيعتقه" ليس معناه استئناف العتق فيه بعد الملك; لأن العلماء قد أجمعوا على أن الأب يعتق على الابن إذا ملكه في الحال، وإنما وجهه أنه إذا اشتراه ودخل في ملكه عتق عليه، فلما كان الشراء سببا لعتقه أضيف العتق إلى عقد الشراء إذا كان تولد منه ووقوعه به، وإنما صار هذا جزاء له، وأداء لحقه; لأن العتق أفضل ما ينعم به أحد على أحد; لأنه يخلصه من الرق، ويجبر منه النقص الذي فيه، ويكمل له أحكام الأحرار في الأملاك والأنكحة والشهادة ونحو ذلك.




                                                الخدمات العلمية