الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5060 ص: قال أبو جعفر : -رحمه الله-: فذهب قوم إلى هذه الآثار، فقالوا: ما أصابت البهائم نهارا فلا ضمان على أحد فيه، وما أصابت ليلا ضمنه أرباب تلك البهائم. واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

                                                [ ص: 399 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 399 ] ش: أراد بالقوم هؤلاء: شريحا والشعبي والليث بن سعد ومالكا والشافعي وأحمد، فإنهم قالوا: ما أفسدت البهائم في النهار لا ضمان على أحد فيه، وما أفسدته في الليل يضمنه أصحاب البهائم، إلا أن الليث قال: لا يضمنون أكثر من قيمة الماشية.

                                                قال أبو عمر: قال مالك: ما أفسدت المواشي والدواب من الزروع والحوائط بالليل فضمان ذلك على أربابها، وما كان بالنهار فلا شيء على أصحاب الدواب، ويقوم الزرع الذي أفسدت بالليل على الرجاء والخوف.

                                                قال: والحوائط التي تحرس والتي لا تحرس سواء، والمحظر عليه وغير المحظر سواء، يغرم أهلها ما أصابت بالليل بالغا ما بلغ، وإن كان أكثر من قيمتها، قال مالك: فإذا انفلتت دابة بالليل فوطئت على رجل نائم لم يغرم صاحبها شيئا، وإنما هذا في الحائط والزرع والحرث.

                                                وقال ابن القاسم: ما أفسدت المواشي بالليل فهو في مال ربها وإن كان أضعاف قيمتها; لأن الجنابة من قبله إذ لم يربطها، وليست الماشية كالعبيد.

                                                حكاه سحنون وأصبغ وأبو زيد عن ابن القاسم .

                                                وحكى المزني عن الشافعي قال: الضمان عن البهائم بوجهين:

                                                أحدهما: ما أفسدت من الزرع بالليل ضمنه أهلها، وما أفسدت بالنهار لم يضمنوا. واحتجوا بحديث هذا الباب.

                                                والوجه الثاني: إذا كان الرجل راكبا، فما أصابت بيدها أو رجلها أو فيها أو ذنبها من نفس أو جرح فهو ضامن له; لأن عليه منعها في تلك الحال من كل ما يتلف فيه أحدا.

                                                قال: واختلف أصحاب داود في هذا الباب، فقال بعضهم بقول مالك والشافعي، وقال بعضهم مثل قول الليث إلا أن يتعدى في إرسالها، أو يربطها في [ ص: 400 ] موضع لا يجب له ربطها فيه، أو يعنف عليها في السياق فيضمن بجناية نفسه.

                                                قال: وذكر عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عن الشعبي "أن شاة وقعت في غزل حائك، واختصموا إلى شريح، فقال الشعبي: انظروه فإنه سيسألهم: أليلا وقعت فيه أو نهارا؟ ففعل. ثم قال: إن كان بالليل ضمن، وإن كان بالنهار لم يضمن، ثم قرأ شريح: إذ نفشت فيه غنم القوم قال: والنفش بالليل، والهمل بالنهار.




                                                الخدمات العلمية