4996 ص: فإن قال قائل: فإن النظر يدل على ما قال أهل المقالة الأولى، وذلك أن على الناس أن يستحيوا أنفسهم، فإذا قال الذي له سفك الدم: قد رضيت بأخذ الدية وتركت سفك الدم; وجب على القاتل استحياء نفسه، فإذا وجب ذلك عليه أخذ من ماله وإن كره، فالحجة عليه في ذلك أن على الناس استحياء أنفسهم -كما ذكر- بالدية، وبما جاوز الدية وبجميع ما يملكون.
وقد رأيناهم أجمعوا أن الولي لو قال للقاتل: قد رضيت أن آخذ دارك هذه على ألا أقتلك، أن الواجب على القاتل فيما بينه وبين الله -عز وجل- تسليم ذلك وحقن دم نفسه، فإن أبى لم يجبر عليه باتفاقهم، ولم يؤخذ منه كرها، فيدفع إلى الولي، فكذلك الدية إذا طلبها الولي فإنه يجب على القاتل فيما بينه وبين ربه أن يستحيي نفسه بها، وإن أبى لم يجبر عليه، ولم يؤخذ منه كرها.