5042 5043 ص: وكان من الحجة لهم في ذلك: أن هذا الكلام الذي حكاه في هذا الحديث عن أبو جحيفة - رضي الله عنه - لم يكن مفردا، ولو كان مفردا لاحتمل ما قالوا، ولكنه كان موصولا بغيره. علي
حدثنا ، قال: ثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا مسدد ، عن يحيى ، قال: ثنا ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن قيس بن عباد قال: " والأشتر إلى ، - رضي الله عنه - فقلنا: هل عهد إليك رسول الله -عليه السلام- عهدا لم يعهده إلى الناس عامة؟ قال: لا، إلا ما كان في كتابي هذا، فأخرج كتابا من قراب سيفه فإذا فيه: المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم، علي ولا ذو عهد في عهده، ومن أحدث حدثا فعلى نفسه، ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين". لا يقتل مؤمن بكافر، . انطلقت أنا
فهذا هو حديث علي - رضي الله عنه - بتمامه، والذي فيه من نفي قتل المؤمن بالكافر هو قوله: "لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده" فاستحال أن يكون معناه على ما حمله عليه أهل المقالة الأولى; لأنه لو كان معناه على ما ذكروا لكان ذلك لحنا ، من رسول الله -عليه السلام- ورسول الله -عليه السلام- أبعد الناس من ذلك، ولكان لا يقتل [ ص: 340 ] مؤمن بكافر ولا ذي عهد في عهده، فلما لم يكن لفظه كذلك، وإنما هو: ولا ذو عهد في عهده علمنا أن ذا العهد هو المعني بالقصاص; فصار ذلك كقوله: "لا يقتل مؤمن ولا ذو عهد في عهده بكافر" . وقد علمنا أن ذا العهد كافر، فدل هذا أن الكافر الذي نسخ النبي -عليه السلام- أن يقتل به المؤمن في هذا الحديث هو الكافر الذي لا عهد له، فهذا مما لا اختلاف فيه بين المسلمين أن المؤمن لا يقتل بالكافر الحربي، وأن ذا العهد الكافر الذي قد صارت له ذمة لا يقتل به أيضا، وقد نجد مثل هذا كثيرا في الكلام، قال الله -عز وجل-: واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر فقدم وأخر، فكذلك قوله: "لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده" إنما مراده فيه -والله أعلم- لا يقتل مؤمن ولا ذو عهد في عهده بكافر، فقدم وأخر; فالكافر الذي منع - صلى الله عليه وسلم - أن يقتل به المؤمن هو الكافر غير المعاهد.