مسألة
في بالقاهرة، فهل يجوز الصلاة عليه غائبة في مصر أو في القلعة؟ وكم قدر مدة البعد الذي يجوز على الغائب فيه؟ وكم مقدار بعد صلاة النبي على رجل توفي إلى رحمة الله وهل النبي صلى الله عليه وسلم صلى على الغائب أو أحد من الصحابة في مقدار بعد النجاشي؟ القاهرة إلى مصر أو أحد من الأئمة؟
الجواب
أصل هذه المسألة هي مسألة وفيها للعلماء قولان مشهوران: الصلاة على الغائب،
أحدهما: يجوز، وهو قول الشافعي في أشهر الروايات عنه عند أكثر أصحابه. وأحمد
والثاني: لا يجوز، وهو قول أبي حنيفة ومالك في الرواية الأخرى، وذكر وأحمد ابن أبي موسى -وهو ثبت في نقل مذهب - رجحانها في مذهبه. [ ص: 175 ] أحمد
وسبب هذا النزاع أنه قد ثبت بالنصوص الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على وكان غائبا، ففي الصحيحين عن النجاشي أبي هريرة في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى، فصف بهم، وكبر عليه أربع تكبيرات، وقال: "استغفروا لأخيكم". النجاشي وفيهما عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى جابر فكبر أربعا، النجاشي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على عنه: وللبخاري فكنت في الصف الثاني أو الثالث. النجاشي، وله: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على الحبش، فهلم فصلوا عليه". فصففنا، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن صفوف. "قد توفي اليوم رجل صالح من ولمسلم: وروى إن أخا لكم قد مات، فقوموا فصلوا عليه"، فقمنا فصفنا صفين. عن مسلم عمران بن حصين النجاشي. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخا لكم"، وفي لفظ: "إن أخاكم قد مات، فقوموا فصلوا عليه"، يعني
فهذه السنة ثبتت، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على غائب غيره، إلا حديث ساقط روي فيه معاوية بن معاوية [ ص: 176 ] الليثي في غزوة تبوك لكثرة قراءته " قل هو الله أحد "، وهو حديث لا يحتج به. وقد مات على عهده خلائق من أصحابه في غيبته فلم يصل عليهم، وكذلك لم يصل المسلمون الغائبون عنه في أنه صلى على مكة والطائف واليمن وغيرها، ولا صلوا على أبي بكر وغيرهما في الأمصار البعيدة. وعمر
ولهذا تنازع العلماء، فقالت طائفة: لا يصلى على الغائب، إذ لو كانت سنة لكان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من ذلك، ولكان المسلمون يعملون بذلك في محياه ومماته، واعتذروا عن قضية بعذرين: النجاشي
أحدهما: أن ذلك كان مختصا به، قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشاهده، أو لأنه حمل إلى بين يديه. وهذا عذر ضعيف، لأن ذلك لم ينقله أحد، ولأن الصحابة الذين صلوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم لم يشاهدوه، ولا فرق بين الإمام والمأموم، ولأن المانع عندهم هو البعد أو التكرار، وكلاهما موجود شهد أو لم يشهد، ولأن مثل هذا قد كان ممكنا في حق غير فبطل الاختصاص به. النجاشي،
ولأن الأصل مشاركة أمته في الأحكام ما لم يقم دليل اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم.
والعذر الثاني: قالوا: إن قد كان بين قوم نصارى، [ ص: 177 ] وكان يخفي قومه إسلامه حتى سعوا في محاربته، ولم تكن شريعة الإسلام ظهرت هناك حتى يكون عنده من يصلي عليه، لعدم صلاة القريب عليه. وهذا العذر أقرب من الأول، وبه يظهر تخصيص النجاشي بالصلاة دون غيره من الموتى. النجاشي
ثم من قال هذا ولم يجوز الصلاة على الغائب بحال نقض كلامه، ومن قال هذا وجوز الصلاة على الغائب الذي لم يصل عليه فقد أحسن فيما قال، ولعل قوله أعدل الأقوال، فإن الشريعة استقرت على قوله تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: فما تعذر من العبادات سقط بالعجز، وإذا كانت الصلاة على الميت مأمورا بها ولم تكن إلا مع الغيبة كانت هي المأمور به. "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم".
وقالت طائفة: بل تجوز الصلاة على كل غائب عن البلد وإن كان قد صلي عليه، كما ذكرناه عن أصحاب وأكثر متأخري أصحاب الشافعي ثم قال هؤلاء: يجوز على الغائب عن البلد، سواء كان فوق مسافة القصر أو دونها، وسواء كان الميت خلف المصلي أو أمامه. أحمد،