[ ص: 165 ] جماع أبواب أحكامه -صلى الله عليه وسلم- وأقضيته وفتاويه
ليس الغرض من ذلك ذكر التشريع العام ، وإن كانت أقضيته الخاصة تشريعا عاما ، وإنما الغرض ذكر سيرته -صلى الله عليه وسلم- في الحكومات الجزئية التي فصل بها بين الخصوم وكيف كانت سيرته -صلى الله عليه وسلم- في الحكم بين الناس .
الباب الأول في أحكامه -صلى الله عليه وسلم- وأقضيته في المعاملات وما يتعلق بها
وفيه أنواع :
الأول : في تحذيره صلى الله عليه وسلم من القضاء بين اثنين
روى الإمام أحمد والأربعة عن والدارقطني -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة «من جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين» .
وروى الإمام أحمد في السنن عن والبيهقي -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عبد الله بن مسعود «ما من حاكم يحكم بين الناس إلا جاء يوم القيامة وملك آخذ بقفاه حتى يقف على جهنم ، ثم يرفع رأسه إلى الله فإن قال الله تعالى : ألقه ، ألقاه في مهواه أربعين خريفا» .
وروى عن الإمام أحمد -رضي الله تعالى عنها- قالت : عائشة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «ليأتين على القاضي العدل يوم القيامة ساعة يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة قط» .
وروى الإمام أحمد والترمذي عن وابن ماجه -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنس «من ابتغى القضاء ، وسأل فيه شفعاء وكل إلى نفسه ، ومن أكره عليه أنزل الله تعالى ملكا يسدده» .
الثاني : في تقسيمه القضاء إلى ثلاثة أقسام
روى أبو داود عن والبيهقي بريدة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «القضاة ثلاثة : واحد في الجنة ، واثنان في النار ، فأما الذي في الجنة : فرجل عرف الحق [ ص: 166 ] فقضى به فهو في الجنة ، ورجل عرف الحق فلم يقض به وجار في الحكم فهو في النار ، ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار» .