الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الرابع في استعارته -صلى الله عليه وسلم- وإعارته

                                                                                                                                                                                                                              وفيه نوعان :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : في استعارته صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي : والدارقطني عن صفوان بن أمية -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار منه أدراعا يوم حنين ، فقال أغصب يا محمد ؟ فقال : بل عارية مضمونة فضاع بعضها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن شئت غرمتها ، قال : لا ، إن قلبي من الإسلام اليوم غير ما كان يومئذ .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن أناس من آل عبد الله بن صفوان ، ومسدد وابن أبي شيبة عن عطاء بن أبي رباح عن أناس ، عن عبد الله بن صفوان قال : استعار رسول الله صلى الله عليه وسلم من صفوان بن أمية سلاحا . وفي لفظ : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا صفوان ، هل عندك من سلاح ؟ فقال له صفوان : أعارية أم غصب ؟ قال : بل عارية ، فأعاره ما بين ثلاثين إلى أربعين درعا ، فغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا ، فلما هزم الله المشركين جمعوا ، وفي لفظ : جمعت أدراع صفوان ، ففقد من أدراعه ، وفي لفظ : «منها أدراعا» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا صفوان ، إن شئت غرمناها لك» ، وفي لفظ : «بل نغرم لك» فقال : يا رسول الله ، إن في قلبي من الإيمان ، وفي لفظ : «اليوم ما لم يكن حينئذ» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي عن أنس -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار قصعة فضاعت فضمنها لهم .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عنه قال : كان فزع بالمدينة فاستعار رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا لأبي طلحة يقال له مندوب ، فركبه ، فلما رجع ، قال : ما رأينا من شيء وإن وجدناه لبحرا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى عنه البخاري أن أهل المدينة فزعوا مرة فركب النبي صلى الله عليه وسلم فرسا لأبي طلحة ، وكان يقطف أو كان به قطاف ، فلما رجع قال : وجدنا فرسكم هذا بحرا ، فكان بعد ذلك لا يجارى .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن صفوان بن يعلى عن أبيه -رضي الله تعالى عنه- قال : قال لي [ ص: 15 ] النبي صلى الله عليه وسلم : «إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعا وثلاثين بعيرا» ، قال : فقلت يا رسول الله أعارية مضمونة أو عارية مؤداة ؟ قال : «بل مؤداة» .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : في إعارته صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية