الباب الثالث في سيرته -صلى الله عليه وسلم- في الإقطاع
وفيه أنواع :
الأول : في إقطاعه صلى الله عليه وسلم جماعة
وروى الإمام أحمد والترمذي عن وأبو داود -رضي الله تعالى عنه- وائل بن حجر ليقتطعه إياها ، فقال له معاوية؛ أردفني خلفك ، قال : لست من إرداف الملوك ، فقلت ، أعطني نعلك ، فقلت : انتعل ظل ناقتي ، فلما استخلف معاوية : أتيته ، فأقعدني معه على البساط . معاوية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضا بحضرموت وأرسل معه
وروى عن الإمام الشافعي ، يحيى بن جعدة -رحمه الله تعالى- قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أقطع الناس الدور ، فقال حي من بني زهرة يقال لهم بنو عبد زهرة : نكب عنا ابن أم عبد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلم ابتعثني الله إذن ؟ إن الله لا يقدس أمة لا يؤخذ للضعيف فيهم حقه .
وروى عن البخاري -رضي الله تعالى عنه- قال : أنس بالبحرين ، فقالت الأنصار : حتى تقطع لإخواننا المهاجرين مثل الذي تقطع لنا ، فلم يكن ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : «سترون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني» . دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار ليقطع لهم
وروى عن الطبراني بلال بن الحارث -رضي الله تعالى عنه- محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلال بن الحارث المزني ، أعطاه معادن القبلية غوريها وجلسيها ، غشية وذات النصب ، وحيث يصلح الزرع من قدس إن كان صادقا» وكتب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه هذه القطعة ، وكتب له : «بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أعطى معاوية .
وروى الإمام أحمد عن عمر بن عوف المزني -رضي الله تعالى عنهما- وابن عباس بلال بن الحارث المزني معادن القبلية جلسيها وغوريها وحيث يصلح الزرع من قدس ، ولم يقطعه حق مسلم .
[ ص: 36 ] وكتب له النبي صلى الله عليه وسلم : «هذا ما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم بلال بن الحارث المزني ، أعطاه معادن القبلية غوريها ، وحيث يصلح الزرع من قدس» (وكتب إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع أبي بن كعب) .
وروى عن الإمام مالك ربيعة بن عبد الرحمن -رحمه الله تعالى- عن غير واحد من علمائهم لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية ، وهي من ناحية الفرع ، فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلى اليوم إلا الزكاة . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع
وروى عن أبو يعلى يحيى بن عمرو بن يحيى بن سلمة الهمداني ، عن أبيه عن جده عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيس بن مالك : «سلام عليك ورحمة الله وبركاته ومغفرته ، أما بعد : فإني استعملتك على قومك عربيهم وجمهورهم ، ومواليهم وحواشيهم ، وأعطيتك من ذرة يسار مائتي صاع ، ومن زبيب خيوان مائتي صاع ، جار ذلك لك ولعقبك من بعدك أبدا أبدا ، قال قيس : وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أبدا أبدا» أحب إلي؛ إني لأرجو أن يبقى عقبي أبدا ، عربهم أهل البادية ، وجمهورهم أهل القرى» .
وروى الإمام أحمد عن وأبو داود -رضي الله تعالى عنهما- ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير حضر فرسه بأرض يقال لها داوي ، فأجرى الفرس حتى قام ، ثم رمى بسوطه ، ثم قال : أعطوه من حيث بلغ السوط .
وروى برجال ثقات منقطعا عن إسحاق بن راهويه أبي جعفر -رحمه الله تعالى- قال : جاء إلى العباس -رضي الله عنهما- فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعني عمر البحرين ، قال : من يشهد لك ؟ قال : المغيرة بن شعبة .
وروى عن أبو داود -رضي الله تعالى عنها- أسماء بنت أبي بكر نخلا . الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع
وروى الشيخان عنهما أرضا من أموال بني النضير ، وهي على ثلاثة فراسخ . الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع
وروى عن البخاري -رحمه الله تعالى- عروة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير أرضا من أرض بني النضير .
[ ص: 37 ] وروى أيضا عن -رضي الله تعالى عنه- قال : عمرو بن حريث بالمدينة بقوس ، وقال : أزيدك أزيدك . خط رسول الله صلى الله عليه وسلم
وروى الطبراني برجال ثقات عن والبغوي مجاعة بن مرارة -رضي الله تعالى عنه- قال : باليمامة يقال لها : العوزة . وكتب له بذلك كتابا :
من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لمجاعة بن مرارة من بني سلمى ، إني قد أعطيتك العوزة ، فمن خالفني فيها فالنار ، وكتب يزيد . أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم مجاعة بن مرارة أرضا
وروى ابن أبي حاتم وسماه والطبراني عثير بمثلثة ، ويقال بالفوقية مصغر ، ويقال : عسير بضم العين المهملة وتشديد السين المهملة ، أي : لبيد العدوي -رضي الله تعالى عنه- أنه استقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضا بوادي القرى فأقطعه إياها ، فهي إلى الآن تسمى بويرة عثير . عن
وروى عن الطبراني أبي السائب عن جدته -رضي الله تعالى عنها- وكانت من المهاجرات إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعها بئرا بالعقيق .
وروى الطبراني وابن مرة أوفى بن مولة قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأقطعني الغميم ، وشرط علي : ابن السبيل أول ريان ، وأقطع ساعدة رجلا منا بئرا بالفلاة يقال لها : الجعونية ، وهي بئر يخبأ فيها المال ، وليست بالماء العذب ، وأقطع إياس بن قتادة العنزي الجابية ، وهي دون اليمامة ، وكنا أتيناه جميعا ، وكتب لكل رجل منا بذلك في أديم . عن
وروى عن البخاري عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة -رحمه الله تعالى- صهيب مولى بني جدعان ادعوا ببيتين وحجرة ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى ذلك فقال صهيبا ، مروان : من يشهد لكم على ذلك ؟ فقالوا : فدعاه فشهد ابن عمر ، لعطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتين وحجرة ، فقضى صهيبا مروان بشهادته لهم . أن بني
وروى عن الإمام أحمد ربيعة الأسلمي -رضي الله عنه- قال : أرضا . أبا بكر أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطى
وروى عن أبو داود سبرة بن عبد العزيز بن الربيع الجهني ، عن أبيه عن جده -رضي الله تعالى عنه- جهينة لحقوه بالرحبة فقال لهم : من أهل ذي المروة ؟ فقالوا : بنو رفاعة بن جهينة ، فقال لهم : قد أقطعتها لبني رفاعة ، فاقتسموها ، فمنهم من باع ومنهم من أمسك . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل في موضع المسجد تحت دومة ، فأقام ثلاثا ، ثم خرج إلى [ ص: 38 ] تبوك ، وإن
وروى أبو بكر أحمد بن عمر بن عاصم النبيل مجاعة بن مرارة من بني سلمة اليماني -رضي الله تعالى عنه- قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقطعني الغورة وعوانة والجبل ، وكتب لي : بسم الله الرحمن الرحيم ، إني أقطعتك العورة والعوانة والجبل ، فمن حاجك فإلي ، ثم أتيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقطعني الغورة ، ثم أتيت أبا بكر بعد عمر فأقطعني . أبي بكر عن
وروى أيضا عن سراج بن هلال بن سراج بن مجاعة قال : وفدت إلى فأخرجت إليه هذا الكتاب ، فقبله ووضعه على عينيه . عمر بن عبد العزيز ،
الثاني : في ارتجاعه صلى الله عليه وسلم بعدما أقطعه إذا تبين له أنه لا يقطع
وروى الباوردي أبيض بن حمال -رضي الله تعالى عنه- أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقطعه الملح الذي يقال له شدا بمأرب ، فأقطعه له ، فلما ولى قال الأقرع بن حابس : يا رسول الله ، إني قد وردت الملح في الجاهلية ، وهي بأرض ليس بها ماء ، ومن ورده أخذه ، وهو مثل الماء العذب ، فانتزعه منه . وفي رواية : واستقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض بن حمال في قطيعته في الملح ، فقال : لقد أقلتك منه على أن تجعله صدقة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هو منك صدقة وهو مثل العد» وهو مثل الماء العذب من ورده أخذه ، فقطع له النبي صلى الله عليه وسلم أرضا وغيلا بالجوف جوف مراد حين أقاله منه . عن
وروى الدارمي وأبو داود وقال غريب ، والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والدارقطني في الكبير والطبراني وابن أبي عاصم والباوردي وابن قانع في الصحابة وأبو نعيم أبيض بن حمال أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقطعه الملح الذي بمأرب فقطعه له ، فلما أن ولى ، قال رجل من المجلس : أتدري ما أقطعت له الماء العد ، فانتزع منه . قال : وسأله عن ما يحمى من الأراك ، قال : ما لم تنله خفاف الإبل . ورواه إلى قوله «العد» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلا إذن . البغوي عن
وروى عن أبو داود محمد بن الحسن المخزومي «ما لا تناله أخفاف الإبل -يعني أن الإبل تأكل منتهى رؤوسها ويحمى ما فوقه» .