تنبيهات :
الأول : مع اتفاقهم على استحالة ظاهرها عليه تعالى عن ذلك علوا كبيرا ، فيتأولون الإتيان بمجيء أمره ونهيه ، واليد بالنعمة ، وما أشبه ذلك من التأويلات اللائقة به تعالى . قوله «أتاني ربي» وقوله «فوضع يده» ، وأمثال ذلك فيه مذهبان ، فمذهب السلف : الإيمان به كما ورد وتفويض أمره إلى الله تعالى ، ومذهب الخلف : التأويل بما يليق به تعالى
الثاني : قوله تعالى «إلى ستمائة» وفي لفظ «إلى سبعمائة ضعف» المضاعفة التكثير ، قال الجوهري : وذكر الخليل أن التضعيف أن يزاد على أصل الشيء فيجعل مثلين ، والحسنة ما يحمد بها الإنسان شرعا ، والمراد بمضاعفتها مضاعفة جزائها في الآخرة لمن جاء بها خالصة مقبولة؛ لأن الله تعالى قال : «من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها» ولم يقل : «من عمل حسنة» وقد تكون الحسنة لا مضاعفة فيها ، كمن نوى حسنة ولم يفعلها ، وكان رجوعه عنها لعذر ، لا لرغبة عنها .
[ ص: 163 ] وللمضاعفة مراتب .
الأولى : إلى مثليه وهو من أدرك نبيين فآمن بهما جميعا ، وعبد أطاع الله ونصح سيده ، وامرأة أطاعت الله وأحسنت عشرة زوجها .
الثانية : لمن عمل حسنة .
الثالثة : إلى خمسة عشر : ففي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمرو بن العاص : فالحسنة بخمسة عشر . «صم يومين ، ولك ما بقي من الشهر»
الرابعة : إلى ثلاثين ففي الحديث نفسه : فالحسنة بثلاثين . «صم يوما ولك بها ما بقي من الشهر»
الخامسة : إلى خمسين؛ ففي الحديث أنه -عليه الصلاة والسلام- قال : من قرأ القرآن فاعتبر به ، فله بكل حرف خمسون لا أقول : الم حرف ، ولكن الألف حرف ، واللام حرف ، والميم حرف .
السادسة : إلى سبعمائة ، وهي النفقة في سبيل الله ، قال تعالى : مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة [البقرة : 261] .
السابعة : إلا ما لا يتناهى ، وهو الصوم؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام- فيما يرويه عن ربه -عز وجل- : والصبر؛ لقوله تعالى : «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم ، فإنه لي وأنا أجزي به» إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب [الزمر : 10] وهو يتعدد إلى الصبر على الطاعة ، وإلى الصبر على المعصية ، وإلى الصبر على المصيبة (فإن الصلاة مثلا مشتملة على أنواع من العبادات كالقراءة والتسبيح والخشوع وغير ذلك) .
الثالث : ليس المراد بالحسنة أجزاء العبادات ، وإنما المراد أن الصلاة بكمالها حسنة ، فمن أتى ببعض صلاته لم يدخل في هذا .