الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الثالث عشر : في بعض فتاويه صلى الله عليه وسلم في الكسب والمعاش

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد عن رافع بن خديج- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي الكسب أفضل ؟ قال : «عمل الرجل بيده ، وكل عمل مبرور» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي عن معاذ بن عبد الله بن حبيب عن أبيه عن عمه- رضي الله عنه- قال : كنا في مجلس فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وعلى رأسه أثر ماء وهو طيب النفس قال : فظننا أنه ألم بأهله ، فقلنا : يا رسول الله ، نراك أصبحت طيب النفس ، قال : «أجل ، والحمد لله» ، قال : ثم ذكر الغنى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا بأس بالغنى لمن اتقى ، والصحة لمن اتقى خير من الغنى ، وطيب النفس من النعيم» [ ص: 279 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه عن جابر- رضي الله تعالى عنه- أن رجلا قال : يا رسول الله ، إن لي ولدا ومالا وإن أبي يريد أن يجتاح مالي قال : «أنت ومالك لأبيك» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وابن ماجه عن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال : أتى أعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن أبي يجتاح مالي ، فقال : «أنت ومالك لأبيك ، إن أطيب ما أكلتم من كسبكم ، وإن أموال أولادكم من كسبكم ، فكلوه هنيئا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار والدارقطني في الأفراد عن عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أبي يريد أن يأخذ مالي ، فقال : «أنت ومالك لأبيك» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله تعالى عنه- أن امرأة جليلة كانت من نساء مضر ، فقالت : يا رسول الله ، أنأكل على آبائنا وأبنائنا وأزواجنا فما يحل لنا من أموالهم ؟ قال : «الرطب تأكلنه وتهدينه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري والدارقطني عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، مروا بماء فيهم لديغ- أو سليم- فعرض لهم رجل من أهل الماء ، فقال : هل فيكم من راق ؟ إن في الماء رجلا لديغا أو سليما ، فانطلق رجل منهم ، فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فبرأ ، فجاء بالشاء إلى أصحابه ، فكرهوا ذلك ، وقالوا : أخذت على كتاب الله أجرا ، حتى قدموا المدينة فقالوا : يا رسول الله ، أخذ على كتاب الله أجرا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وأبو داود والبيهقي عن عبادة بن الصامت- رضي الله تعالى عنه- قال : علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن ، وأهدى إلي رجل منهم قوسا فقلت : ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله- عز وجل- لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه فأتيته فقلت : يا رسول الله ، رجل أهدى إلي قوسا ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن ، وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله ، قال : «إن كنت تحب أن تطوق طوقا من نار فاقبلها» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه عن أبي بن كعب- رضي الله تعالى عنه- قال : علمت رجلا القرآن ، فأهدى إلي قوسا ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «إن أخذتها أخذت قوسا من نار» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن البراء- رضي الله تعالى عنه- قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكم أموال السلطان ، قال : آتاك الله تعالى منها من غير مسألة ولا إشراف نفس ، فكله وتموله .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمامان الشافعي وأحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي عن محيصة بن مسعود الأنصاري- رضي الله تعالى عنه- أنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في إجارة الحجام فنهاه عنها فلم يزل يسأله ، ويستأذنه حتى أمره «أن اعلف ناضحك وأطعمه ورقيقك» [ ص: 280 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن جابر- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن كسب الحجام فقال : «اعلفه ناضحك» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي عن أبي سعيد- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إياكم والقسامة» قلنا : وما القسامة ؟ قال : «الشيء يكون بين الناس فيجيء فينقص منه» ، وفي رواية : ونحوه «الرجل يكون على الفئام من الناس فيأخذ من حظ هذا وحظ هذا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي عن صفوان بن أمية- رضي الله تعالى عنه- قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه عرفطة فقال : يا رسول الله ، قد كنت على شقوة فما أراني أرزق إلا من دفي وكفي فأذن لي فيه قال أحله .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية