( ولا تكن ) أيها الطالب ( مقتصرا أن تسمعا ) الحديث ونحوه ، ( وكتبه ) بالنصب عطفا على محل أن المصدرية على نزع الخافض ; أي : لا تقتصر على سماع الحديث وكتبه ( من دون فهم ) لما [ ص: 304 ] في سنده ومتنه ( نفعا ) ; أي : نافع ، فتكون كما قال : قد أتعبت نفسك من غير أن تظفر بطائل ، ولا تحصل بذلك في عداد أهل الحديث الأماثل ، بل لم تزد على أن صرت من المتشبهين المنقوصين المتحلين بما هم منه عاطلون . ابن الصلاح
وما أحسن قول غيرهم :
إن الذي يروي ولكنه يجهل ما يروي وما يكتب كصخرة تنبع أمواهها
تسقي الأراضي وهي لا تشرب
قال : ولو لم يكن في الاقتصار على سماع الحديث وتخليده الصحف دون التمييز بمعرفة صحيحه من فاسده ، والوقوف على اختلاف وجوهه ، والتصرف في أنواع علومه إلا تلقيب المعتزلة القدرية من سلك تلك الطريقة بالحشوية - يعني بإسكان المعجمة وفتحها ، فالأول على أنهم من حشو الطلبة فلا ينتفع بهم ، والثاني على أنهم كانوا يحشون في حاشية حلقة - لوجب على الطالب الأنفة لنفسه ، ودفع ذلك [ ص: 305 ] عنه وعن أبناء جنسه . انتهى . الحسن البصري
ويروى كما لأبي نعيم في ( تاريخ أصبهان ) من حديث علي بن موسى عن أبيه عن جده عن آبائه مرفوعا : ( كونوا دراة ولا تكونوا رواة ، حديث تعرفون فقهه خير من ألف تروونه ) . وأخرجه أبو نعيم في ( الحلية ) عن رفعه أيضا بلفظ : ( ابن مسعود كونوا للعلم رعاة ) . وكذا أخرجه غيره عن ، ولله در الأديب الفاضل ابن عباس فارس بن الحسين حيث قال فيما رويناه من طريقه :
يا طالب العلم الذي ذهبت بمدته الروايه
كن في الرواية ذا العنايه بالرواية والدرايه
وارو القليل وراعه فالعلم ليس له نهايه
واظب على جمع الحديث وكتبه واجهد على تصحيحه في كتبه
واسمعه من أربابه نقلا كما سمعوه من أشياخهم تسعد به
واعرف ثقات رواته من غيرهم كيما تميز صدقه من كذبه
فهو المفسر للكتاب وإنما نطق النبي لنا به عن ربه
وتفهم الأخبار تعرف حله من حرمه مع فرضه من ندبه
وهو المبين للعباد بشرحه سير النبي المصطفى مع صحبه
وتتبع العالي الصحيح فإنه قرب إلى الرحمن تحظ بقربه
وتجنب التصحيف فيه فربما أدى إلى تحريفه بل قلبه
واترك مقالة من لحاك بجهله عن كتبه أو بدعة في قلبه
فكفى المحدث رفعة أن يرتضى ويعد من أهل الحديث وحزبه