الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (4) قوله: سلاسل : قرأ نافع والكسائي وهشام وأبو بكر بالتنوين، والباقون بغير تنوين، ووقف هؤلاء وحمزة وقنبل عليه بالألف بلا خلاف. وابن ذكوان والبزي وحفص بالألف وبدونها، فعن ثلاثتهم الخلاف، والباقون وقفوا بدون ألف بلا خلاف. فقد تحصل لك من هذا أن القراء على [أربع] مراتب: منهم من ينون وصلا، ويقف بالألف وقفا بلا خلاف وهم نافع والكسائي وهشام وأبو بكر، ومنهم من لا ينون ولا يأتي بالألف وقفا بلا خلاف، وهما حمزة وقنبل، ومنهم من لم ينون، ويقف بالألف بلا خلاف، وهو أبو عمرو وحده، ومنهم من لم ينون، ويقف بالألف تارة وبدونها أخرى، وهم ابن ذكوان وحفص والبزي، فهذا نهاية الضبط في ذلك. [ ص: 597 ] فأما التنوين في "سلاسل" فذكروا له أوجها، منها: أنه قصد بذلك التناسب; لأن ما قبله وما بعده منون منصوب. ومنها: أن الكسائي وغيره من أهل الكوفة حكوا عن بعض العرب أنهم يصرفون جميع ما لا ينصرف، إلا أفعل منك. قال الأخفش: سمعنا من العرب من يصرف كل ما لا ينصرف; لأن الأصل في الأسماء الصرف، وترك الصرف لعارض فيها، وأن الجمع قد جمع وإن كان قليلا. قالوا: صواحب وصواحبات. وفي الحديث: "إنكن لصواحبات يوسف". وقال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      4439 - قد جرت الطير أيامنينا . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



                                                                                                                                                                                                                                      فجمع "أيامن" جمع تصحيح المذكر. وأنشدوا: [ ص: 598 ]

                                                                                                                                                                                                                                      4440- وإذا الرجال رأوا يزيد رأيتهم     خضع الرقاب نواكسي الأبصار



                                                                                                                                                                                                                                      بكسر السين من نواكس، وبعدها ياء تظهر خطا لا لفظا لذهابها لالتقاء الساكنين، والأصل: "نواكسين" فحذفت النون للإضافة، والياء لالتقاء الساكنين. وهذا على رواية كسر السين، والأشهر فيها نصب السين، فلما جمع شابه المفردات فانصرف. ومنها أنه مرسوم في إمام الحجاز والكوفة بالألف، رواه أبو عبيد، ورواه قالون عن نافع. وروى بعضهم ذلك عن مصاحف البصرة أيضا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزمخشري : "وفيه وجهان، أحدهما: أن تكون هذه النون بدلا من حرف الإطلاق ويجري الوصل مجرى الوقف. والثاني: أن يكون صاحب هذه القراءة ممن ضري برواية الشعر، ومرن لسانه على صرف ما لا ينصرف". قلت: وفي هذه العبارة فظاظة وغلظة، لا سيما على مشيخة الإسلام وأئمة العلماء الأعلام.

                                                                                                                                                                                                                                      ووقف هؤلاء بالألف ظاهرا. وأما من لم ينونه فظاهر; لأنه على صيغة منتهى الجموع. وقولهم: قد جمع، نحو: صواحبات وأيامنين لا يقدح; لأن المحذور جمع التكسير، وهذا جمع تصحيح، وعدم وقوفهم بالألف واضح أيضا. وأما من لم ينون ووقف بالألف فإتباعا [ ص: 599 ] للرسم الكريم كما تقدم، وأيضا فإن الروم في المفتوح لا يجوزه القراء، والقارئ قد يبين الحركة في وقفه فأتوا بالألف لتتبين بها الفتحة. وروي عن بعض أنه يقول: "رأيت عمرا" بالألف يعني عمر بن الخطاب. والسلاسل: جمع سلسلة، وقد تقدم الكلام فيها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية