الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والسلب ما على المقتول من ثيابه وسلاحه ومركبه ، وكذا ما كان على مركبه من السرج والآلة ، وكذا ما معه على الدابة من ماله في حقيبته أو على وسطه وما عدا ذلك فليس بسلب ) [ ص: 515 ] وما كان مع غلامه على دابة أخرى فليس بسلبه ، ثم حكم التنفيل قطع حق الباقين ، فأما الملك فإنما يثبت بعد الإحراز بدار الإسلام لما مر من قبل ، حتى لو قال الإمام من أصاب جارية فهي له فأصابها مسلم واستبرأها لم يحل له وطؤها ، وكذا لا يبيعها . وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف .

وقال محمد : له أن يطأها ويبيعها ، لأن التنفيل يثبت به الملك عنده كما يثبت بالقسمة في دار الحرب وبالشراء من الحربي ، ووجوب الضمان بالإتلاف قد قيل على هذا الاختلاف ، والله أعلم .

التالي السابق


( وقوله والسلب ما على المقتول من ثيابه وسلاحه ومركبه وما على مركبه من السرج والآلة وما معه على الدابة من مال في حقيبته وما على وسطه ) من ذهب وفضة ( وما ) [ ص: 515 ] سوى ذلك مما ( هو مع غلامه أو على دابة فليس منه ) بل حق الكل .

والحقيبة الرفادة في مؤخر القتب ، وكل شيء شددته في مؤخرة رحلك أو قتبك فقد استحقبته . وللشافعي في المنطقة والطوق والسوار والخاتم وما في وسطه من النفقة وحقيبته قولان : أحدهما ليس من السلب ، وبه قال أحمد ، والآخر أنه من السلب وهو قولنا وعن أحمد في بردته روايتان ( قوله ثم حكم التنفيل قطع حق الباقين ) فقط ( وأما الملك فإنما يثبت بعد الإحراز بدار الإسلام لما مر من قبل ) أي في باب الغنائم من قوله : ولأن الاستيلاء إثبات اليد الحافظة والناقلة إلخ ( حتى لو قال الإمام : من أصاب جارية فهي له ) ومن أصاب شيئا فهو له ( فأصابها مسلم فاستبرأها لا يحل له وطؤها ) في دار الحرب ( وقال محمد : له أن يطأها ) وهو قول الأئمة الثلاثة ; لأنه اختص بملكها بتنفيل الإمام فصار كالمختص بشرائها في دار الحرب أو بعد قسم الإمام الغنائم في دار الحرب مجتهدا حيث يحل وطؤها بالإجماع بعد الاستبراء بخلاف المتلصص إذا أخذ جارية في دار الحرب واستبرأها لا يحل له وطؤها بالاتفاق ; لأنه ما اختص بملكها ; لأنه لو لحقه جيش المسلمين شاركوه فيها . ولهما أن سبب الملك في النفل ليس إلا القهر كما في الغنيمة ، ولا يتم إلا بعد الإحراز بدار الإسلام لأنه ما دام في دار الحرب مقهور دارا وقاهر يدا فيكون السبب ثابتا في حقه من وجه دون وجه ، لا أثر للتنفيل في إثبات القهر بل في قطع حق غيره ، وأما الملك فإنما سببه ما هو السبب في كل الغنيمة وهو ما ذكرنا ، بخلاف المشتراة لأن سبب الملك العقد والقبض بالتراضي لا القهر وقد تم ، وعدم الحل للمتلصص لعدم تمام القهر أيضا قبل الإحراز لا لما ذكر لأن لحوق الجيش موهوم فلا يعارض الحقيقة .

واعلم أن كون الملك يتم بالقسمة في دار الحرب عند أبي حنيفة فيه خلاف .

قيل نعم لأنه مجتهد فيه فيتم ملك من وقعت في سهمه فيطؤها بعد الاستبراء بالاتفاق كالمشتراة ، وجعل الأظهر في المبسوط عدم الحل فلا يتم القياس عليه لمحمد إلا على أحد القولين . وقوله ( ووجوب الضمان بالإتلاف ) ذكره لدفع شبهة ترد على قول أبي حنيفة وأبي يوسف [ ص: 516 ] لأن محمدا ذكر في الزيادات أن المتلف لسلب نفله الإمام رجلا يضمن ولم يذكر خلافا فورد عليهما أن الضمان دليل تمام الملك فينبغي أن يحل الوطء عندكما أيضا بعد الاستبراء فقال في جوابه بل هو على الخلاف فإنما يضمن عند محمد خلافا لهما . وفي نسخة وقد قيل بالواو ، والله الموفق .




الخدمات العلمية