الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4931 4932 4933 ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا يزيد بن سنان ، قال: ثنا حبان بن هلال (ح):

                                                وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عارم بن الفضل ، قالا: ثنا حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، أن أبا أمامة بن سهل بن حنيف ، -هكذا قال ابن مرزوق في حديثه، وقال يزيد في حديثه: عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف- قال: " كنا مع عثمان - رضي الله عنه - وهو محصور، فقال: علام تقتلوني وقد سمعت رسول الله -عليه السلام- يقول: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمفارق دينه التارك للجماعة".

                                                التالي السابق


                                                ش: أي احتج هؤلاء الآخرون بحديث عثمان - رضي الله عنه - فإنه يخبر أن دم المسلم لا يحل إلا بإحدى معان ثلاث، وشارب الخمر في الرابعة لم يكن داخلا في هذا، فلا يقتل. وقد اعترض ابن حزم على الحنفية والشافعية والمالكية هاهنا.

                                                [ ص: 559 ] وملخصه: أن هذا الحديث حجة على الحنفية والمالكية في قتلهم الساحر، وعلى الشافعية في قتلهم اللوطي وتارك الصلاة.

                                                قلت: أما الحنفية والمالكية فلا حجة عليهم في هذا; فإن الساحر يكفر بعمله فيكون داخلا في الحديث.

                                                وأما كونه حجة على الشافعية فظاهر; لأن تارك الصلاة خارج عن هذا الحديث فلا يقتل.

                                                وأما اللوطي فليس بزان عند أبي حنيفة فيخرج عن الحديث، وعند صاحبيه والشافعي فهو كالزاني فإذا كان محصنا يكون داخلا في معنى الحديث، فافهم.

                                                ثم إنه أخرج حديث عثمان من طريقين صحيحين:

                                                الأول: عن يزيد بن سنان ، عن حبان -بفتح الحاء وتشديد الباء الموحدة- بن هلال ، عن حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن أبي أمامة قيل: اسمه أسعد، وقيل: سعيد، وقيل: اسمه كنيته. والأول هو المشهور.

                                                وأخرجه الترمذي: نا أحمد بن عبدة الضبي، قال: ثنا حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبي أمامة: "أن عثمان أشرف عليهم يوم الدار فقال: أنشدكم الله أن تعلمون أن النبي -عليه السلام- قال: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث...." الحديث، وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

                                                ورواه حماد بن سلمة ، عن يحيى بن سعيد فرفعه. وروى يحيى بن سعيد القطان وغير واحد عن يحيى هذا الحديث فوقفوه.

                                                الثاني: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن عارم وهو محمد بن الفضل السدوسي شيخ البخاري ، عن حماد بن زيد .... إلى آخره.

                                                [ ص: 560 ] وأخرجه البيهقي نحوه .

                                                قوله: "والمفارق دينه" أراد به المرتد المفارق لجماعة المسلمين، قيل: إنه عام في كل مفارق للإسلام بأي ردة كانت منه. وقيل: يحتمل أن يكون خروجه خروجا يترك به الجماعة، أو يبقى عليها فيقاتل حتى يفيء إلى دينه وإلى الجماعة، وليس بكافر، ويمكن أن يكون خروجه كفرا.




                                                الخدمات العلمية