الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        المطلب الثاني: القواعد والضوابط الفقهية والأصولية المتعلقة بالحرية:

        ويشتمل على خمسة فروع:

        الفرع الأول: الأصل في الناس الحرية:

        ألغي الرق منذ عقود، بيد أن تراثنا الفقهي فيه الكثير من الأحكام التي تتعلق به؛ وذلك غير مذموم؛ لأن فقهاءنا فهموا واقعهم، ونـزلوا أحكام الشرع الحنيف على هذا الواقع، ولم أشأ أن أتعرض لهذه الأحكام إلا بقدر توضيح هذا الضابط.

        (الأصل في الناس الحرية) تواتر ذكر هذا الضابط والنص عليه في أقوال الفقهاء، وعللوا لهذا الأصل بأن: الحرية هي الظاهر والرق طارئ [1] .

        ومن ثم اتفقوا على أن ولد الزنا واللقيط حران [2] . وأجازوا معاملة من جهل حاله كجواز معاملة من لم يعرف رشده ولا سفهه [3] ، وحكموا بحريته ولم يجعلوه عبدا إلا ببينة تشهد بذلك, أو بإقراره [4] . [ ص: 51 ]

        وعلى ذلك قالوا: الناس أحرار بلا بيان إلا في الشهادة والقصاص, والحدود, والدية؛ لأن الظاهر يدفع به الاستحقاق لكنه لا يثبت به; لأن الاستحقاق لا يثبت إلا بدليل موجب له [5] .

        سئل الرملي، هل الأصل في الناس الحرية أو الرق ؟ فأجاب: بأن الأصل في الناس الحرية، كما صرحوا به في مسائل كثيرة [6] .

        وعلى ذلك يمكن القول: إن الناس جميع الناس أحرار بلا بيان حتى في الشهادة والقصاص، والحدود والديات؛ لإلغاء الرق عالميا، والفقهاء لم يدعوا إلى الرق، وإنما نظموا أحكامه وقت وجوده؛ لأن الناس احتاجوا إلى وقت ليفيئوا إلى أصل الحرية.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية