الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6403 ص: فكان من الحجة عليهم في ذلك أن جابرا -رضي الله عنه- قد أخبر أن النبي -عليه السلام- أطعمهم يومئذ لحوم الخيل ونهاهم عن لحوم الحمر، وهم كانوا إلى الخيل أحوج منهم إلى الحمر، فدل تركه منعهم أكل لحوم الخيل أنهم كانوا في بقية من الظهر، ولو كانوا في قلة من الظهر حتى احتيج لذلك أن يمنعوا من أكل لحوم الحمر فكانوا إلى المنع من أكل الخيل أحوج؛ لأنهم يحملون على الخيل كما يحملون على الحمر، وركوب الخيل بعد ذلك لمعاني لا يركبون لها الحمر.

                                                فدل ما ذكرنا: أن العلة التي لها منعوا من أكل لحوم الحمر ليست هي هذه العلة.

                                                [ ص: 143 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 143 ] ش: أي فكان من الدليل والبرهان على هؤلاء القوم فيما ذكروا، والحاصل: أن هذا جواب عما قالوا، وهو ظاهر.

                                                وقال أبو عمر في هذا الموضع: وفي إذن رسول الله -عليه السلام- في أكل الخيل وإباحته لذلك يوم خيبر دليل على أن نهيه عن أكل لحوم الحمر يومئذ عبادة لغير علة؛ لأنه معلوم أن الخيل أرفع من الحمير، وأن الخوف على الخيل وعلى قيامها، فوق الخوف على الحمير، وأن الحاجة في الغزو وغيره إلى الخيل أعظم، وبهذا يتبين [لك أن] أكل لحوم الحمر لم يكن لحاجة وضرورة إلى الظهر والحمل، وإنما كان عبادة وشريعة.

                                                ألا ترى إلى حديث أنس بن مالك: "أن منادي رسول الله -عليه السلام- نادى يوم خيبر: أن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية، وما نهى الله عنه ورسوله فلا خيار لأحد فيه، وكل قول خالف السنة مردود.




                                                الخدمات العلمية