الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6656 [ ص: 266 ] ص: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب ، قال [ثنا] أبي، قال: سمعت الصقعب بن زهير ، يحدث عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عمرو قال: " أتى رسول الله -عليه السلام- أعرابي عليه جبة مكفوفة بحرير -أو قال: مزررة بديباج- فقام إليه رسول الله -عليه السلام- مغضبا وأخذ مجامع جبته، فجذبها به، ثم قال: ألا أرى عليك ثياب من لا يعقل" وهو حديث طويل فاختصرنا منه هذا المعنى.

                                                التالي السابق


                                                ش: من الأحاديث الدالة على تحريم الحرير على الرجال حديث عبد الله بن عمرو بن العاص .

                                                فأخرجه بإسناد صحيح، عن إبراهيم بن مرزوق ، عن وهب بن جرير ، عن أبيه جرير بن حازم ، عن الصقعب بن زهير وثقه أبو زرعة وابن حبان ... . إلى آخره.

                                                وأخرجه الطبراني بتمامه: ثنا أبو زرعة الدمشقي، قال: ثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن زيد ، عن الصقعب ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عمرو قال: "كنا عند رسول الله -عليه السلام-، فجاء رجل من أهل البادية، عليه جبة سيجان مزررة بالديباج، فقال: إن رسول الله -عليه السلام- يريد أن يرفع كل فارس ابن فارس، ويضع كل زارع ابن زارع، فأخذ رسول الله -عليه السلام- بمجامع ثوبه، ثم قال: إن عليه لباس من لا يعقل، ثم قال رسول الله -عليه السلام-: إن نبي الله نوحا -عليه السلام- لما حضرته الوفاة قال لابنه: يا بني إني موصيك فقاصد عليك الوصية: آمرك باثنين وأنهاك عن اثنين، آمرك بلا إله إلا الله، فلو أن السماوات السبع والأرضين السبع كانت حلقة مبهمة قصمتهن لا إله إلا الله، وأوصيك بسبحان الله وبحمده، فإنها صلاة الخلق، وبها يرزق الخلق، وأنهاك عن الكفر والكبر، فقال رجل: يا رسول الله، الكفر قد عرفناه، فما الكبر، أهو أن يكون للرجل نعلان حسنتان يلبسهما، وله شراكان حسنان يعجبه ذلك؟ قال: لا، قال: فهو أن يكون له حلة [ ص: 267 ] حسنة يلبسها؟ قال: لا، قال: فهو أن يكون له فرس جميل يعجبه جماله؟ قال: لا، قال: فهو أن يكون له أصحاب يجالسونه؟ قال: لا، قال: فما الكبر؟، قال: أن يسفه الحق ويغمص الناس".

                                                قوله: "مكفوفة بحرير" المكفوف بالحرير هو الذي عمل على ذيله وأكمامه وجيبه كفاف من حرير، وكفة كل شيء -بالضم- طرفه وحاشيته، وكل مستطيل كفة ككفة الثوب، وكل مستدير، كفة -بالكسر- ككفة الميزان.

                                                قوله: "مغضبا" نصب على الحال، وهو بفتح الضاد المعجمة على صيغة المفعول.

                                                قوله: "وأخذ مجامع جبته" أراد أطرافها التي يلتقي بعضها ببعض، هو جمع مجمع، ومجمع كل شيئين ملتقاهما.

                                                قوله: "سيجان" السيجان جمع ساج وهو الطيلسان الأخضر، وقيل: هو الطيلسان المقور ينسج كذلك، وكانوا يعملون منه الجبب والقلانس، وفي الحديث عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أن النبي -عليه السلام- كان يلبس في الحرب من القلانس ما يكون من السيجان الخضر".

                                                ثم "ألف" "سيجان" منقلبة عن الواو، وقيل عن الياء.

                                                قوله: "ويغمص الناس" أي لم يرهم شيئا؛ لأجل احتقاره إياهم، وتقول منه: غمص الناس يغمصهم غمصا من باب ضرب يضرب ومادته: غين معجمة وميم وصاد مهملة.




                                                الخدمات العلمية