الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6633 ص: حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أصبغ بن الفرج، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل قال: ثنا عبد الملك بن الحسن ، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن عمارة بن حارثة ، عن عمرو بن يثربي ، قال: " خطبنا رسول الله -عليه السلام- فقال: لا يحل لامرئ من مال أخيه شيء إلا بطيب نفس منه، قال: قلت: يا رسول الله إن لقيت غنم ابن عمي، آخذ منها شيئا؟ فقال: إن لقيتها نعجة تحمل شفرة وزنادا بخبت الجميش فلا تهجها". .

                                                التالي السابق


                                                ش: إسناده حسن جيد، وأصبغ شيخ البخاري ، وحاتم بن إسماعيل المدني روى له الجماعة.

                                                [ ص: 245 ] وعبد الملك بن حسن بن أبي حكيم البخاري أبو مروان المدني الأحول، مولى بني أمية ، عن يحيى: ثقة. وعن أحمد: لا بأس به. وقال أبو حاتم: شيخ. روى له النسائي .

                                                وعمارة بن حارثة الضمري وثقه ابن حبان .

                                                وعمرو بن يثربي الضمري، الحجازي الصحابي - رضي الله عنه -.

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده": نا أبو عامر، نا عبد الملك -يعني ابن الحسن الحارثي- ثنا عبد الرحمن بن أبي سعيد، قال: سمعت عمارة بن حارثة الضمري يحدث عن عمرو بن يثربي الضمري، قال: "شهدت خطبة رسول الله -عليه السلام- بمنى وكان فيما خطب به: ولا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه، قال: فلما سمعت ذلك قلت: يا رسول الله، أرأيت لو أتيت غنم ابن عمي فأخذت منها شاة فاحترزتها، هل علي في ذلك شيء؟ قال: إن لقيتها نعجة تحمل شفرة وزنادا فلا تمسها".

                                                قوله: "إن لقيتها نعجة" معناه لا تتعرض لنعم أخيك موصولا بسب وإن كان سهلا متيسرا وهو معنى قوله: "تحمل شفرة وزنادا" أي معها آلة الذبح والنار، والشفرة: السكين العريض.

                                                قوله: "بخبت الجميش" الخبت بفتح الخاء المعجمة وسكون الباء الموحدة وفي آخره تاء مثناة من فوق: الأرض الواسعة.

                                                و"الجميش" بفتح الجيم، وكسر الميم بعدها ياء آخر الحروف ساكنة، وفي آخره شين معجمة، الذي لا نبات فيه كان جمش أي حلق.

                                                قال الجوهري: الجميش: مكان لا نبات فيه، والخبت: المفازة، انتهى.

                                                والمعنى لا تتعرض لنعم أخيك وإن كنت بخبت الجميش، وإنما خصه بالذكر لأن الإنسان إذا سلكه طال عليه وفني زاده، واحتاج إلى مال أخيه المسلم.

                                                [ ص: 246 ] قوله: "فلا تهجها" من هاج الشيء، وهجته إذا أثرته، وهذا الحديث يدل على حرمة التعرض لمال المسلم بغير إذن وإن كان لابن عمه، وكذا لو كان لأخيه أو لأبيه، وأما الأب فله أن يتعرض لمال ابنه بلا إذنه، والمولى يتعرض لمال عبده بلا إذنه.

                                                ويستثنى من ذلك نحو شرب الماء من كوز حديقة، بغير إذنه، وكذا نزح الماء من بئره، وأخذ النار من كانونه، وكذا يستثنى الأكل من ثماره وطعامه إذا علم أنه لا ينقبض لذلك، وذلك لما بينهما من المودة قال الله تعالى: أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا

                                                وذكر محمد بن ثور ، عن معمر قال: "دخلت بيت قتادة فأبصرت فيه رطبا، فجعلت آكله، فقال: ما هذا، قلت: أبصرت رطبا في بيتك فأكلته، قال: أحسنت قال الله: أو صديقكم ".

                                                وذكر عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة: "في قوله: أو صديقكم قال: إذا دخلت في بيت صديقك من غير مؤامرته، لم يكن بذلك [بأس] ".

                                                وقال ابن وهب: سمعت مالكا يقول في الرجل يدخل الحائط فيجد الثمر ساقطا، قال: لا يأكل منه إلا أن يكون يعلم بأن صاحبه طيب النفس بذلك، أو يكون محتاجا إلى ذلك فأرجو أن لا يكون عليه شيء إن شاء الله.

                                                فإن قيل: ما حكم الذمي في هذا؟

                                                قلت: قال ابن وهب: سمعت مالكا يقول في المسافر ينزل بالذمي أنه لا يأخذ من ماله شيئا إلا بإذنه، وعن طيب نفس منه، فقيل لمالك: أرأيت الضيافة التي جعلت عليهم ثلاثة أيام؟ قال: كان يومئذ مخففا عنهم.




                                                الخدمات العلمية