الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6257 6258 [ ص: 18 ] ص: وقد روي عن ابن عباس في هذا ما حدثنا سليمان بن شعيب ، قال: ثنا الخصيب بن ناصح ، قال: ثنا أبو الأشهب ، عن أبي رجاء العطاردي ، قال: "خرجنا حجاجا فصاد رجل من القوم أرنبا فذبحها بظفره فملوها وأكلوها، ولم آكل معهم فلما قدمنا البلد سألت ابن عباس فقال: لعلك أكلت معهم؟ قلت: لا. قال: أصبت، إنما قتلها خنقا".

                                                حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا يعقوب بن إسحاق ، قال: ثنا سلم بن زرير ، عن أبي رجاء ... ، مثله.

                                                أفلا ترى أن ابن عباس قد بين في حديثه هذا المعنى الذي به حرم أكل ما ذبح بالظفر أنه الخنق، لأن ما ذبح به فإنما ذبح بكف لا بغيرها، فهو مخنوق، فدل ذلك أن ما نهي عنه من الذبح بالظفر [هو الظفر] المركب في الكف، لا الظفر المنزوع منها وكذلك ما نهي عنه من الذبح بالسن فإنما هو على السن المركبة في الفم؛ لأن ذلك يكون عظما، فأما السن المنزوعة فلا، وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد. ،

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد روي عن عبد الله بن عباس في حكم الذبح بالظفر ما حدثنا. . . إلى آخره.

                                                أخرجه بإسناد صحيح من طريقين:

                                                الأول: عن سليمان بن شعيب الكيساني ، عن الخصيب -بفتح الخاء المعجمة وكسر الصاد المهملة- بن ناصح الحارثي عن أبي الأشهب جعفر بن حيان البصري الخزاز العطاردي الأعمى ، عن أبي رجاء عمران بن ملحان العطاردي وهو الذي أتى عليه مائة وعشرون سنة أدرك النبي -عليه السلام- ولم يره، وأسلم بعد الفتح.

                                                وأخرجه ابن حزم: من طريق معمر ، عن عوف ، عن أبي رجاء العطاردي، [ ص: 19 ] قال: "سألت ابن عباس عن أرنب ذبحتها بظفري، فقال: لا تأكلها، فإنها الخنقة، وفي رواية: "إنما قتلتها خنقا".

                                                الثاني: عن إبراهيم بن مرزوق عن يعقوب بن إسحاق بن زيد الحضرمي البصري المقرئ، قال أحمد وأبو حاتم: صدوق. ووثقه ابن حبان .

                                                عن سلم بن زرير -بفتح الزاي- بن يونس العطار وثقه أبو زرعة وأبو حاتم، وروى له البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه .

                                                قوله: "فملوها" بفتح الميم وتشديد اللام أي جعلوها في الملة -بفتح الميم وتشديد اللام- وهي الرماد الحار، الذي يحمى ليدفن فيه الخبز لينضج ومنه خبز الملة.

                                                قوله: "أفلا ترى. . ." إلى آخره ظاهر فافهم.

                                                ***



                                                الخدمات العلمية