الفصل الثاني
الوقف ودوره في توفير الخدمات الطبية
تمهيد
الناظر إلى تعاليم الإسلام، يجد أنها جمعت بين حاجة الجسم وحاجة الروح، ومن ثم اتسمت هـذه التعاليم بالوسطية والقصد، واستجابت لمطالب الفطرة السليمة في يسر واعتدال، فلا عنت ولا حرج ولا تعصب ولا مغالاة.
وإلى جانب ذلك، فهي تؤكد التكافل بمفهومه الشامل بين المسلمين، وتقضي على كل من لا يبذل من عواطفه وجاهه وماله لغيره من إخوانه المؤمنين بأنه ليس منهم؛ ولذلك لا يعرف المجتمع الإسلامي فردية أو أنانية أو سلبية، وإنما يعرف إخاء صادقا، وعطاء سخيا، وتعاونا على البر والتقوى دائما.
ومن المعلوم أن التنمية الاجتماعية تشمل إلى جانب النواحي الاجتمـاعية المتعـارف علـيها، كالمعـونات الاجتمـاعية وغيرها، [ ص: 57 ] الحاجـات الروحـية والتعبديـة والاحتياجات الصحية والجوانب التعليمية والثقافية.
والصحة وبعض مرافـق الخدمات العامة والكثير من مؤسسات الرعاية الاجتماعية، جميعها كانت من المجالات الرئيسة التي اجتذبت اهتمام مؤسسي الأوقاف منذ فجر الإسلام، على تباين انتماءاتهم الاجتمـاعية، وتفاوت أوضـاعهم الاقتصادية ومستوياتـهم الثقافية، وقد أنتجت شروطهم التي وضعوها في حجج وقفياتهم الخاصة بتلك المجالات العديد من المؤسسات الأهلية، فظهرت المستشفيات والعيادات الطبية وغيرها
[1] . [ ص: 58 ]