الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              الخاتمة

              إن التنمية الصحية هـي عماد كل تنمية في المجتمعات، ولقد أدى الوقف مهمته في تلك التنمية على خير وجه، فساعد بذلك على النهوض في شتى مجالات الحضارة الطبية الإسلامية. وشهادات المستشرقين من علماء الغرب أصدق دليل؛ لأن ألسنة الخلق أقلام الحق..!! وعندما يذكر علم الطب يتبادر إلى الأذهان النبوغ العلمي والميراث الحضاري الذي تركه علماء العصور الزاهرة في الإسلام، والإعجاز العقلي والعلمي المتنوع لأعظم العقليات الإسلامية التي عرفها التاريخ. ولا أبغي من هـذا التغني بمفاخر الأجداد، وإنما أقدم عظات وعبر من التاريخ؛ حتى ننهض بأمتنا الإسلامية ونأخذ مكاننا المرموق بين الشعوب. ودور الوقف في الرعاية الصحية تخطى دائرة المحيط الإسلامي وتجاوزها إلى البشرية جميعها، فكان دورا عالميا إنسانيا حضاريا؛ لأن عقيدة الإسلام التي كانت من ورائه عقيدة عالمية لا تعرف تعصبا إلا للحق، ولا تفريقا بين الناس إلا بالتقوى والعمل الصالح. هذا، ولقد كان دور الأوقاف في الحضارة الطبية الإسلامية ذا شطرين: الشطر الأول: اهتم بتقديم الخدمات العلاجية للمرضى وفق أسلوب علمي. فالمريض يفحص في حجرة خاصة، وإذا أدخل المستشفى أعطي ثيابا غير ثيابه، وخصصت له حجرة مفردة، إذا كانت حالته المرضية تقتضي [ ص: 175 ] ذلك، وزودت هـذه الحجرة بكل وسائل الراحة، وأشرف على علاجه أطباء اشتهروا بالمهارة، وقدم له الدواء والغذاء المناسبين لحالته، وبعد شفائه وعند خروجه من المستشفى يقدم له لباس جديد كالذي أخذه يوم دخل، ثم يمنح مالا يكفي لنفقته فترة نقاهته؛ حتى لا يضطر للعمل، فتنتكس حالته. وكانت المستشفى تقوم بأمر النفقة على أسرة المريض في مكان إقامتها طوال مدة علاجه وبقائه بالمستشفى



              [1] .

              وإضافة إلى إسهام الوقف في المستشفيات الكبيرة أو المتخصصة، فقد كان له دور في بناء المراكز الصحية المتنقلة لخدمة المرضى في دور العبادة والمدارس، وفي الأماكن النائية عن مراكز الحضارة والمدن [2] .

              وأما الشطر الآخر: فهو خاص بتنمية العلوم الطبية وازدهارها، فقد كتبت مؤلفات وترجمت مصنفـات كثيرة في هـذه العلوم بتمويل من الأموال الموقوفة، وبذلك أدى الوقف رسالته العلمية في مجال الدراسات الطبية إلى جانب رسالته في عـلاج المرضى والمحـافظة على الصحة العامة. ولقد تجـاوزت رسالة الوقف في تطوير العلوم الطبية آفاق العالم الإسلامي إلى غيره، فكانت هـذه العـلوم أسـاس الأبحاث الطبية في الدول الغربية، وعلى ذاك الأساس قـام صرح عـلم الطب الحديث، وكانت منجزاته العلمية الطبية الباهرة. [ ص: 176 ]

              وأخيرا، فإن هـذا ما وفقنا الله، عز وجل ، له في دراسة هـذا الموضوع بحسب الاجتهاد في فهم محاور الدراسة مع ضعف الجهد وقلة البضاعة وضيق الوقت، فإن كان خيرا فهو من الله وحده، فضلا وسترا على عيوب الباحث، وإن كان غير ذلك فمن نفسي ومن الشيطان، كما أرجو من قارئ هـذا البحث تزويد الباحث بالآراء السديدة، والدعاء له بظهر الغيب،

              وصدق الله العظيم إذ يقول سبحانه: ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى ) (النجم:39-41) .

              وإضافة إلى النتائج والتوصيات التفصيلية التي خلصنا إليها في سياق بحثنا هـذا نحاول أن نوجز ما يلي:

              التالي السابق


              الخدمات العلمية