قال الشيخ بعد حكايته الثالث عن الزمخشري: "ولا أدري ما هذا المضمر الذي ترجم عنه الخبر؟ وليس هذا من المواضع التي يفسر فيها المفرد الضمير، ولولا أنه ذكر بعد هذا "أو ضمير القصة" لحملت كلامه عليه". قلت: متى جعله ضميرا مبهما لزم أن يكون مفسرا بمفرد، وهو إما "لظى"، على أن يكون "نزاعة" خبر مبتدأ مضمر، وإما "نزاعة" على أن يكون "لظى" بدلا من الضمير، وهذا أقرب. ولا يجوز أن يكون "لظى نزاعة" مبتدأ وخبرا، والجملة خبر لـ "إن" على أن يكون الضمير مبهما لئلا يتحد القولان، أعني هذا القول وقول إنها ضمير القصة، ولم يعهد ضمير مفسر بجملة إلا ضمير الشأن والقصة. [ ص: 457 ] وقراءة الرفع في "نزاعة" هي قراءة العامة. وقرأ حفص وأبو حيوة والزعفراني واليزيدي "نزاعة" بالنصب. وفيها وجهان، أحدهما: أن ينتصب على الحال. وفي صاحبها أوجه، أحدهما: أنه الضمير المستكن في "لظى" لأنها، وإن كانت علما، فهي جارية مجرى المشتقات كالحارث والعباس، وذلك لأنها بمعنى التلظي، وإذا عمل العلم الصريح والكنية في الظروف فلأن يعمل العلم الجاري مجرى المشتقات في الأحوال أولى وأحرى. ومن مجيء ذلك قوله: وابن مقسم
4330 - أنا أبو المنهال بعض الأحيان
ضمنه معنى "أنا المشهور في بعض الأحيان". الثاني: أنه فاعل "تدع "وقدمت حاله عليه، أي: تدعو حال كونها نزاعة.
ويجوز أن تكون هذه الحال مؤكدة، لأن "لظى" هذا شأنها، وهو معروف من أمرها، وأن تكون منتقلة; لأنه أمر توقيفي. الثالث: أنه محذوف هو والعامل، تقديره: تتلظى نزاعة. ودل عليه "لظى".
الثاني من الوجهين الأولين: أنها منصوبة على الاختصاص. وعبر عنه بالتهويل، كما عبر عن وجه رفعها على خبر ابتداء مضمر، والتقدير: أعني نزاعة، وأخصها. وقد منع الزمخشري نصب "نزاعة" قال: "لأن الحال إنما يكون فيما يجوز أن يكون وأن لا يكون، و"لظى" [ ص: 458 ] لا تكون إلا نزاعة، قاله عند المبرد ورد عليه بقوله تعالى: مكي، وهو الحق مصدقا ، وهذا صراط ربك مستقيما قال:" فالحق لا يكون إلا مصدقا، وصراط ربك لا يكون إلا مستقيما". قلت: بنى الأمر على الحال المبينة، وليس ذلك بلازم; إذ قد وردت الحال مؤكدة، كما أورده المبرد وإن كان خلاف الأصل. مكي
واللظى في الأصل: اللهب. ونقل علما لجهنم، ولذلك منع من الصرف. والشوى: الأطراف جمع شواة كنوى ونواة. وقيل: الشوى: الأعضاء التي ليست بمقتل، ومنه: رماه فأشواه، أي: لم يصب مقتله. وقيل: الشوى: جمع شواة، وهي جلدة الرأس، وأنشد للأعشى:
4331- قالت قتيلة ماله قد جللت شيبا شواته
وقيل: هو جلد الإنسان. والشوى أيضا: رذال المال، والشيء اليسير. و"تدعو" يجوز أن يكون خبرا لإن، أو خبرا لمبتدأ محذوف، أو حال من "لظى"، أو من "نزاعة" على القراءتين فيها; لأنها تتحمل ضميرا.