4821 ص: فإن قال قائل: فإذا وجب فكان ينبغي إذا ركب أن يكون في معنى من لم يأت بما أوجب على نفسه، فيكون عليه أن يحج بعد ذلك ماشيا، ويكون كمن قال: لله علي أن أصلي ركعتين قائما، فصلاهما قاعدا. عليه المشي بإيجابه على نفسه أن يحج ماشيا،
فمن الحجة على قائل هذا القول عندنا: أنا رأينا الصلوات المفروضات التي علينا أن نصليها قياما لو صليناها قعودا لا لعذر وجب علينا إعادتها، وكنا في حكم من لم يصلها، وكان من حج منا حجة الإسلام التي يجب علينا المشي في الطواف لها، فطاف ذلك الطواف راكبا ثم رجع إلى أهله، لم يجعل في حكم من لم يطف ويؤمر بالعود; بل قد قبل في حكم من طاف، وأجزأه طوافه ذلك; إلا أنه جعل عليه دم لتقصيره، فكذلك الصلاة الواجبة بالنذر والحج الواجب بالنذر هما مقيسان على الصلاة والحج الواجبين بإيجاب الله -عز وجل- فما كان من ذلك مما وجب بإيجاب الله -عز وجل- يكون المقصر فيه في حكم تاركه، كان كذلك ما وجب عليه من ذلك بإيجابه إياه على نفسه فقصر فيه، فلم يجب عليه إعادة، ولم يكن بذلك التقصير في حكم تاركه، كان كذلك ما وجب عليه من ذلك الجنس بإيجابه إياه على نفسه فقصر فيه، فلا يكون بذلك التقصير في حكم تاركه فيجب عليه إعادته، ولكنه في حكم فاعله وعليه لتقصيره ما يجب عليه من التقصير في أشكاله من الدماء. (
وهذا قول ، أبي حنيفة وأبي يوسف، ومحمد -رحمهم الله-.
[ ص: 63 ]