4912 4913 ص: فإن قال قائل: فقد روي عن أبي سعيد الخدري: "أن رسول الله -عليه السلام- ضرب في الخمر بنعلين أربعين، فجعل عمر - رضي الله عنه - بكل نعل سوطا".

قيل له: صدقت قد حدثنا بذلك محمد بن بحر بن مطر، قال: ثنا يزيد بن هارون ، قال: أنا المسعودي ، عن زيد العمي ، عن أبي الصديق الناجي أو أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله -عليه السلام- وعمر - رضي الله عنه - مثل ذلك.

فليس في هذا الحديث أيضا ما يدل أن رسول الله -عليه السلام- قصد بذلك الضرب إلى ثمانين، قد يجوز أن يكون قصد إلى ضرب غير معلوم، فضرب الناس، فكان [ ص: 541 ] ضربهم في جملته ثمانين فتوخى عمر - رضي الله عنه - ذلك لما أراد أن يوقف الناس في ذلك على شيء معلوم، فجعل مكان كل نعل سوطا.

4912 4913 ص: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ بِنَعْلَيْنِ أَرْبَعِينَ، فَجَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِكُلِّ نَعْلٍ سَوْطًا".

قِيلَ لَهُ: صَدَقْتَ قَدْ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ بَحْرِ بْنِ مَطَرٍ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ: أَنَا الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي أَوْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِثْلَ ذَلِكَ.

فَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَصَدَ بِذَلِكَ الضَّرْبَ إِلَى ثَمَانِينَ، قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ إِلَى ضَرْبٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ، فَضَرَبَ النَّاسُ، فَكَانَ [ ص: 541 ] ضَرْبُهُمْ فِي جُمْلَتِهِ ثَمَانِينَ فَتَوَخَّى عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَلِكَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُوقِفَ النَّاسَ فِي ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ، فَجَعَلَ مَكَانَ كُلِّ نَعْلٍ سَوْطًا.

التالي السابق

الشرح

ش: تَقْرِيرُ السُّؤَالِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّكُمْ قُلْتُمْ: إِنَّ الْأَحَادِيثَ الْمَذْكُورَةَ كُلَّهَا قَدْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- لَمْ يُوقِفِ الصَّحَابَةَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ عَلَى عَدَدٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الضَّرْبِ كَمَا أَوْقَفَهُمْ فِي حَدِّ الزِّنَا فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُحْصَنِ وَفِي حَدِّ الْقَذْفِ، فَهَذَا أَبُو سَعِيدٍ قَدْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَنَّهُ ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ بِنَعْلَيْنِ أَرْبَعِينَ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ جَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِكُلِّ نَعْلٍ سَوْطًا، فَصَارَتِ الْجُمْلَةُ ثَمَانِينَ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى التَّوْقِيفِ.

وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: فَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ .... إِلَى آخِرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَأَخْرَجَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَحْرٍ الْبَغْدَادِيِّ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ الْوَاسِطِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الْمَسْعُودِيِّ الْكُوفِيِّ، وَثَّقَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحَوَارِيِّ الْبَصْرِيِّ قَاضِي هَرَاةَ، الْمَعْرُوفِ بِزَيْدٍ الْعَمِّيِّ، فِيهِ مَقَالٌ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو الْبَصْرِيِّ النَّاجِي -بِالنُّونِ وَالْجِيمِ- نِسْبَةً إِلَى بَنِي نَاجِيَةَ بْنِ سَامَةَ بْنِ لُؤَيٍّ، وَهِيَ قَبِيلَةٌ كَبِيرَةٌ.

قَوْلُهُ: "أَوْ أَبِي نَضْرَةَ" شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، وَهُوَ بِالنُّونِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَاسْمُهُ الْمُنْذِرُ بْنُ مَالِكٍ الْعَوْقِيُّ الْبَصْرِيُّ .

وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ: ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ مِسْعَرٍ ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ ، عَنْ أَبِي الصَّدِيقِ النَّاجِي ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- ضَرَبَ الْحَدَّ بِنَعْلَيْنِ أَرْبَعِينَ. قَالَ مِسْعَرٌ: أَظُنُّهُ فِي الْخَمْرِ".

قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

ش: تقرير السؤال أن يقال: إنكم قلتم: إن الأحاديث المذكورة كلها قد دلت على أنه -عليه السلام- لم يوقف الصحابة في حد الخمر على عدد معين من الضرب كما أوقفهم في حد الزنا في حق غير المحصن وفي حد القذف، فهذا أبو سعيد قد روى عن النبي -عليه السلام- أنه ضرب في الخمر بنعلين أربعين أربعين، ثم جعل عمر - رضي الله عنه - بكل نعل سوطا، فصارت الجملة ثمانين، فهذا يدل على التوقيف.

وأجاب عن ذلك بقوله: فليس في هذا الحديث .... إلى آخره، وهو ظاهر.

وأخرج حديث أبي سعيد عن محمد بن بحر البغدادي ، عن يزيد بن هارون الواسطي ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود المسعودي الكوفي، وثقه ابن المديني وغيره، عن زيد بن الحواري البصري قاضي هراة، المعروف بزيد العمي، فيه مقال، عن أبي الصديق بكر بن عمرو البصري الناجي -بالنون والجيم- نسبة إلى بني ناجية بن سامة بن لؤي، وهي قبيلة كبيرة.

قوله: "أو أبي نضرة" شك من الراوي، وهو بالنون والضاد المعجمة، واسمه المنذر بن مالك العوقي البصري .

وأخرجه الترمذي: ثنا سفيان بن وكيع، قال: ثنا أبي، عن مسعر ، عن زيد العمي ، عن أبي الصديق الناجي ، عن أبي سعيد الخدري: "أن رسول الله -عليه السلام- ضرب الحد بنعلين أربعين. قال مسعر: أظنه في الخمر".

قال الترمذي: حديث أبي سعيد حديث حسن.