الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وما ) يصح و ( لا يبطل بالشرط الفاسد ) لعدم المعاوضة المالية سبعة وعشرون ما عده المصنف تبعا للعيني وزدت ثمانية ( القرض والهبة والصدقة والنكاح [ ص: 250 ] والطلاق والخلع والعتق والرهن والإيصاء ) ك جعلتك وصيا على أن تتزوج بنتي ( والوصية والشركة و ) كذا ( المضاربة والقضاء والإمارة ) كوليتك بلد كذا مؤبدا صح وبطل الشرط فله عزله بلا جنحة ، وهل يشترط لصحة عزله كمدرس أبده السلطان أن يقول رجعت عن التأبيد أفتى بعضهم بذلك [ ص: 251 ] واختار في النهر إطلاق الصحة . وفي البزازية : لو شرط عليه أن لا يرتشي ولا يشرب الخمر ولا يمتثل قول أحد ولا يسمع خصومة زيد صح التقليد والشرط ( والكفالة والحوالة ) إلا إذا شرط في الحوالة الإعطاء من ثمن دار المحيل فتفسد لعدم قدرته على الوفاء بالملتزم كما عزاه المصنف للبزازية . وأجاب في النهر بأن هذا من المحتال وعد وليس الكلام فيه فليحرر ( والوكالة [ ص: 252 ] والإقالة والكتابة ) إلا إذا كان الفساد في صلب العقد أي نفس البدل ككتابته على خمر فتفسد به ، وعليه يحمل إطلاقهم كما حرره خسرو ( وإذن العبد في التجارة ، ودعوة الولد ) كهذا الولد مني إن رضيت امرأتي ( والصلح عن دم العمد ) وكذا الإبراء عنه ولم يذكره اكتفاء بالصلح درر ( و ) عن ( الجراحة ) التي فيها القود وإلا كان من القسم الأول ، وعن جناية غصب الوديعة وعارية إذ ضمنها رجل وشرط فيها حوالة أو كفالة درر ، [ ص: 253 ] والنسب ، والحجر على المأذون نهر ، والغصب وأمان مقن أشباه ( وعقد الذمة وتعليق الرد بالعيب ، و ) تعليقه ( بخيار الشرط وعزل القاضي ) [ ص: 254 ] ك عزلتك إن شاء فلان فينعزل ويبطل الشرط ، لما ذكرنا أنها كلها ليست بمعاوضة مالية ، فلا تؤثر فيها الشروط الفاسدة . وبقي ما يجوز تعليقه بالشرط ، هو مختص بالإسقاطات المحضة التي يحلف بها كطلاق وعتاق ، وبالالتزامات التي يحلف بها كحج وصلاة والتوليات كقضاء وإمارة عيني وزيلعي . زاد في النهر : الإذن في التجارة وتسليم الشفعة والإسلام ، وحرر المصنف دخول الإسلام في القسم الأول لأنه من الإقرار ، [ ص: 255 ] ودخول الكفر هنا لأنه ترك . ويصح تعليق هبة وحوالة وكفالة وإبراء عنها بملائم

التالي السابق


( قوله وما يصح ولا يبطل بالشرط الفاسد ) شروع في القاعدة الثالثة المقابلة للأولى والأصل فيها ما ذكره في البحر عن الأصوليين في كتب الأصول في بحث الهزل من قسم العوارض أن ما يصح مع الهزل لا تبطله الشروط الفاسدة ، وما لا يصح مع الهزل تبطله الشروط الفاسدة ا هـ والمراد بقول الشارح ما يصح أي في نفسه ويلغو الشرط ، وإنما زاده لكون نفي البطلان لا يستلزم الصحة لصدقه على الفساد فافهم ( قوله لعدم المعاوضة المالية ) أشار إلى ما قدمه في الأصل الأول من أن ما ليس مبادلة مال بمال لا يفسد بالشرط الفاسد أي ما لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ، وذلك فضل خال عن العوض فيكون ربا والربا لا يكون في المعاوضات الغير المالية ولا في التبرعات ( قوله وزدت ثمانية ) هي الإبراء عن دم العمد ، والصلح عن جناية غصب ، الوديعة ، وعارية إذا ضمنها إلخ والنسب والحجر على المأذون والغصب وأمان القن ط .

قلت : وقدمنا أن كل ما جاز تعليقه لا يفسد بالشرط الفاسد ، وسيأتي أيضا ( قوله القرض ) ك أقرضتك هذه المائة بشرط أن تخدمني سنة ، وفي البزازية : وتعليق القرض حرام والشرط لا يلزم . والذي في الخلاصة عن كفالة الأصل والقرض بالشرط حرام ا هـ نهر أي فالمراد بالتعليق الشرط . وفي صرف البزازية : أقرضه على أن يوفيه بالعراق فسد ا هـ أي فسد الشرط وإلا خالف ما هنا تأمل ( قوله والهبة والصدقة ) كوهبتك هذه المائة أو تصدقت عليك بها على أن تخدمني سنة نهر ، فتصح ويبطل الشرط لأنه فاسد وفي جامع الفصولين : ويصح تعليق الهبة بشرط ملائم كوهبتك على أن تعوضني كذا ، ولو مخالفا تصح الهبة لا الشرط ا هـ . وفي حاشيته للخير الرملي . أقول يؤخذ منه جواب واقعة الفتوى : وهب لزوجته بقرة على أنه إن جاءه أولاد منها تهب البقرة لهم وهو صحة الهبة وبطلان الشرط ا هـ وسيذكر الشارح أن الهبة يصح تعليقها بالشرط ، ويأتي الكلام عليه ( قوله والنكاح ) كتزوجتك على أن لا يكون لك مهر فيصح النكاح ويبطل الشرط ويجب مهر المثل ، ومن هذا القبيل ما في الخانية تزوجتك على أني بالخيار يجوز النكاح ولا يصح الخيار لأنه ما علق النكاح بالشرط بل باشر النكاح وشرط الخيار ا هـ وليس منه إن أجاز أبي أو رضي لأنه تعليق والنكاح لا يحتمله فلا يصح كما في الخانية وكلام النهر هنا غير محرر فتدبر . وفي الظهيرية : لو كان الأب حاضرا فقبل في المجلس جاز .

قال في النهر وهو مشكل . والحق ما في الخانية ا هـ . [ ص: 250 ] قلت : ما في الظهيرية ذكره في الخانية أيضا عن أمالي أبي يوسف وقال إنه استحسان ( قوله والطلاق ) كطلقتك على أن لا تتزوجي غيري بحر . والظاهر أنه إذا قال إن لم تتزوجي غيري فكذلك ، ويأتي بيانه قريبا ( قوله والخلع ) كخالعتك على أن لي الخيار مدة يراها بطل الشرط ووقع الطلاق ووجب المال . وأما اشتراط الخيار لها فصحيح عند الإمام كما مضى بحر ( قوله والعتق ) بأن قال أعتقتك على أني بالخيار بحر ، وقدمنا آنفا لو أعتق أمة على أن لا تتزوج عتقت تزوجت أو لا ( قوله والرهن ) بأن قال رهنتك عبدي بشرط أن أستخدمه أو على أن الرهن إن ضاع ضاع بلا شيء أو إن لم أوف متاعك لك إلى كذا فالرهن لك بمالك بطل الشرط وصح الرهن بحر ( قوله كجعلتك وصيا إلخ ) هذا المثال أحسن مما في البحر جعلتك وصيا على أن يكون لك مائة لأن الكلام في الشرط الفاسد الذي لا يفسد العقد وما هنا صحيح نهر ، وفيه نظر فإنه قال في البزازية فهو وصي والشرط باطل والمائة له وصية ا هـ .

ومعنى بطلانه كما في البحر أنه يبطل جعلها شرطا للإيصاء وتبقى وصية ، إن قبلها كانت له وإلا فلا ا هـ أي فهو شرط فاسد لم يفسد عقد الإيصاء ( قوله والوصية ) كأوصيت لك بثلث مالي إن أجاز فلان عيني ، وفيه نظر لأنه مثال تعليقها بالشرط وليس الكلام فيه . وفي البزازية : وتعليقها بالشرط جائز لأنها في الحقيقة إثبات الخلافة عند الموت ا هـ ومعنى صحة التعليق أن الشرط إن وجد كان للموصى له المال وإلا فلا شيء له بحر ثم قال في الخانية : لو أوصى بثلثه لأم ولده إن لم تتزوج فقبلت ذلك ثم تزوجت بعد انقضاء عدتها بزمان فلها الثلث بحكم الوصية ا هـ مع أن الشرط لم يوجد إلا أن يكون المراد بالشرط عدم تزوجها عقب انقضاء العدة لا عدمه إلى الموت بدليل أنه قال تزوجت بعد انقضاء عدتها بزمان للاحتراز عن تزوجها عقب الانقضاء ا هـ . قلت : ووجهه أنه إذا مضت مدة بعد العدة ولم تتزوج فيها تحقق الشرط فلا تبطل الوصية بتزوجها بعده ، إذ لو كان الشرط عدم تزوجها أبدا لزم أن لا يوجد شرط الاستحقاق إلا بموتها ، ويظهر من هذا أنه إذا قال طلقتك إن لم تتزوجي أنه إذا مضى بعد العدة زمان ولم تتزوج يتحقق الشرط ، لكن فيه أن الطلاق المعلق إنما يتحقق بعد تحقق الشرط فيلزم أن يكون ابتداء العدة بعده لا قبله ، فالظاهر بطلان هذا الشرط ووقوع الطلاق منجزا ، ويؤيده ما مر قريبا ، ومر تحقيقه في كتاب الطلاق في أول باب التعليق ( قوله والشركة ) فيه أنها تفسد باشتراط ما يؤدي إلى قطع الاشتراك في الربح كاشتراط عشرة لأحدهما .

وفي البزازية : الشركة تبطل ببعض الشروط الفاسدة دون بعض ، حتى لو شرط التفاضل في الوضيعة لا تبطل وتبطل باشتراط عشرة لأحدهما . وفيها : لو شرط صاحب الألف العمل على صاحب الألفين والربح نصفين لم يجز الشرط والربح بينهما أثلاثا ا هـ . أما لو لم يشرط العمل على أفضلهما مالا بل تبرع به . فأجاب في البحر بأن شرط الربح صحيح لأن التبرع ليس من قبيل الشرط بدليل ما في بيوع الذخيرة : اشترى حطبا في قرية وقال موصولا بالشراء من غير شرط في الشراء : احمله إلى منزلي لا يفسد لأنه كلام مبتدأ بعد تمام البيع ( قوله وكذا المضاربة ) كما لو شرط نفقة السفر على المضارب بطل الشرط وجازت بزازية .

وفيها : ولو شرط من الربح عشرة دراهم فسدت لا لأنه شرط بل لقطع الشركة دفع إليه ألفا على أن يدفع رب المال للمضارب أرضا يزرعها سنة أو دارا للسكنى بطل الشرط وجازت ، ولو شرط ذلك على المضارب لرب المال فسدت لأنه جعل نصف الربح عوضا عن عمله وأجره الدار ا هـ ، وبه علم أنها تفسد ببعض الشروط كالشركة ( قوله ك وليتك بلدة كذا مؤبدا ) فقوله مؤبدا شرط فاسد ، لأن التولية لا تقتضي ذلك لأنه ينعزل [ ص: 251 ] بعارض جنون أو عزل أو نحوه ، ومثله وليتك على أن لا تعزل أبدا أو على أن لا تركب كما مثل به في البحر وقال فهذا الشرط فاسد ولا تبطل إمرته بهذا ( قوله واختار في النهر إطلاق الصحة ) حيث قال رادا على ذلك البعض . وعندي أنه لا سلف له فيه ولا دليل يقتضيه لأنه حيث صح العزل كان إلغاء للتأبيد سواء نص على الغاية أو لا ( قوله صح التقييد والشرط ) فإن فعل شيئا من ذلك انعزل ، ولا يبطل قضاؤه فيما مضى : ولا ينفذ قضاء القاضي في خصومة زيد ، ويجب على السلطان أن يفصل قضيته إن اعتراه قضية بحر عن البزازية . وفيه عنها أيضا : لو شرط في التقليد أنه متى فسق ينعزل انعزل ا هـ .

قلت : وإنما صح الشرط لكونه شرطا صحيحا ، والقاضي وكيل عن السلطان فيتقيد قضاؤه بما قيده به حتى يتقيد بالزمان والمكان والشخص ، ومن ذلك ما إذا نهاه عن سماع دعوى مضى عليها خمس عشرة سنة كما سيأتي في القضاء إن شاء الله تعالى ( قوله والكفالة والحوالة ) بأن قال كفلت غريمك على أن تقرضني كذا وأحلتك على فلان بشرط أن لا ترجع علي عند التوى نهر ، يعني فتصح ويبطل الشرط . وفي البزازية : لو قال كفلت به على أني متى أو كلما طولبت به فلي أجل شهر فإذا طالبه به فله أجل شهر من وقت المطالبة الأولى فإذا تم الشهر من وقت المطالبة الأولى لزم التسليم ولا يكون للمطالبة الثانية تأجيل ا هـ . وفيه أن كلما تقتضي التكرار مقدسي ، ولعله ألغى التكرار هنا لما يلزم عليه من إبطال موجب الكفالة ، وحيث أمكن الإعمال فهو أولى من الإبطال تأمل ، وسيذكر الشارح هذه المسألة أوائل الكفالة ، ويأتي توضيحها هناك . وفي البزازية أيضا : كفل على أنه بالخيار عشرة أيام أو أكثر يصح ، بخلاف البيع لأن مبناها على التوسع ا هـ ففي هذا وفيما قبله صحت الكفالة والشرط لأنه شرط تأجيل أو خيار وكلاهما شرط صحيح ، ولا يرد على المصنف لأن كلامه في الشرط الفاسد ، وسيأتي في بابها أنه لا يصح تعليقها بشرط غير ملائم ويأتي هنا في كلام الشارح أيضا ( قوله إلا إذا شرط إلخ ) أي شرط المحال على المحال عليه أن يعطيه المال المحال به من ثمن دار المحيل .

قال في البزازية : بخلاف ما إذا التزم المحتال عليه الإعطاء من ثمن دار نفسه لأنه قادر على بيع دار نفسه ولا يجبر على بيع داره ، كما إذا كان قبولها بشرط الإعطاء عند الحصاد لا يجبر على الأداء قبل الأجل ا هـ وظاهره صحة التأجيل إلى الحصاد لأنه مجهول جهالة يسيرة ، بخلاف هبوب الريح كما يأتي في بابها ( قوله من المحتال ) صوابه المحتال عليه ( قوله فليحرر ) أشار إلى ما في هذا الجواب ، فإن كونه وعدا لا يخرجه عن كونه شرطا مع أن فرض المسألة أنه مذكور في صلب العقد على أنه شرط ، إذ لو كان بعد العقد لا على وجه الاشتراط لم يفسد العقد كما مر عند قوله والشركة ، وأيضا لا يظهر به الفرق بين المسألتين ، ويظهر لي الجواب بأن الحوالة قد تكون مقيدة كما لو أحال غريمه بألف الوديعة على المودع تقيدت بها حتى لو هلكت الألف برئ المحال عليه كما سيأتي إن شاء الله تعالى في بابها ، وهنا لما شرط الدفع من ثمن دار المحيل صارت مقيدة به ، ولما لم يكن له قدرة على الوفاء بذلك فسدت الحوالة بمنزلة ما لو هلكت الوديعة المحال بها ، ولهذا لو كان البيع مشروطا في الحوالة صحت ويجبر على البيع كما في آخر حوالة البزازية . أما لو شرط الدفع من ثمن داره صحت الحوالة لقدرته على بيع داره ولكن لا يجبر على البيع ، ولو باع يجبر على الأداء لتحقق الوجوب كما في الدرر ( قوله والوكالة ) [ ص: 252 ] كوكلتك على أن تبرئني مما لك علي نهر .

وفي البزازية : الوكالة لا تبطل بالشروط الفاسدة أي شرط كان ، وفيها تعليق الوكالة بالشرط جائز وتعليق العزل به باطل ، وتفرع عليه أنه لو قال كلما عزلتك فأنت وكيلي صح لأنه تعليق التوكيل بالعزل ، ولو قال كلما وكلتك فأنت معزول لم يصح لأنه تعليق العزل بالشرط بحر ( قوله والإقالة ) حتى لو تقايلا على أن يكون الثمن أكثر من الأول أو أقل صحت ولغا الشرط ، وقد مر في بابها نهر . وذكر المصنف في بابها أنها لا تفسد بالشرط وإن لم يصح تعليقها به .

وصورة التعليق كما ذكره في البحر هناك عن البزازية ما لو باع ثورا من زيد فقال اشتريته رخيصا فقال زيد إن وجدت مشتريا بالزيادة فبعه منه فوجد فباع بأزيد لا ينعقد البيع الثاني لأنه تعليق الإقالة لا الوكالة بالشرط ( قوله والكتابة ) بأن كاتبه على ألف بشرط أن لا يخرج من البلد أو على أن لا يعامل فلانا أو على أن يعمل في نوع من التجارة فتصح ويبطل الشرط لأنه غير داخل في صلب العقد نهر ( قوله في صلب العقد ) صلب الشيء : ما يقوم به ذلك الشيء وقيام البيع بأحد العوضين ، فكل فساد يكون في أحدهما يكون فسادا في صلب العقد درر ( قوله وعليه ) أي على كون الفساد في صلب العقد ط ( قوله يحمل إطلاقهم ) أي إطلاق من قال إنها تبطل بالشرط الفاسد كالعمادي والأسروشني فإنهما قالا : وتعليق الكتابة بالشرط لا يجوز وإنها تبطل بالشرط ، ويحمل قولهما ثانيا الكتابة بشرط متعارف وغير متعارف تصح ويبطل الشرط على كون الشرط زائدا ليس في صلب العقد ، وبه يندفع اعتراض صاحب جامع الفصولين عليهما ، هذا حاصل ما في الدرر .

وأما ما في البحر عن البزازية : كاتبها وهي حامل على أن لا يدخل ولدها في الكتابة فسدت لأنها تبطل بالشرط الفاسد ا هـ فالمراد به ما كان في صلب العقد ، لأن استثناء حملها وهو جزء منها شرط في صلب العقد ، كما لو باع أمة إلا حملها لأنها أحد العوضين فافهم ( قوله وإذن العبد في التجارة ) كأذنت لك في التجارة على أن تتجر إلى شهر أو على أن تتجر في كذا فيكون عاما في التجارة والأوقات ويبطل الشرط بحر ( قوله كهذا الولد مني إن رضيت امرأتي ) تابع البحر في ذلك مع أنه في البحر اعترض على العيني مرارا بأن الكلام في الشرط الفاسد لا في التعليق ، فالأولى قول النهر بشرط رضا زوجتي . وقال في العزمية : وصور ذلك في إيضاح الكرماني بأن ادعى نسب التوأمين بشرط أن لا تكون نسبة الآخر منه ، أو ادعى نسب ولد بشرط أن لا يرث منه يثبت نسب كل واحد من التوأمين ويرث وبطل الشرط لأنهما من ماء واحد ، فمن ضرورة ثبوت نسب أحدهما ثبوت الآخر لما عرف ، وشرط أن لا يرث شرط فاسد لمخالفة الشرع والنسب ولا يفسد به ا هـ .

( قوله والصلح عن دم العمد ) بأن صالح ولي المقتول عمدا القاتل على شيء بشرط أن يقرضه أو يهدي إليه شيئا فالصلح صحيح والشرط فاسد ، ويسقط الدم لأنه من الإسقاطات فلا يحتمل الشرط بحر ( قوله ولم يذكروه اكتفاء بالصلح ) إذا ليس بينهما كثير فرق ، فإن الولي إذا قال للقاتل عمدا أبرأت ذمتك على أن لا تقيم في هذا البلد مثلا أو صالح معه عليه صح الإبراء والصلح ، ولا يعتبر الشرط درر ( قوله التي فيها القود ) في المصباح : القود القصاص وبه عبر في الدرر ، فلا فرق في التعبير فافهم ( قوله وإلا ) بأن كان الصلح عن القتل الخطأ أو الجراحة التي فيها الأرش كان من القسم الأول درر : أي لأن موجب ذلك المال فكان مبادلة لا إسقاطا ( قوله وعن جناية غصب ) أي مغصوب ، وقوله [ ص: 253 ] إذا ضمنها : أي موجبات الصلح في الصور المذكورة درر ، ولعل صورة المسألة لو أتلف ما غصبه أو أتلف وديعة أو عارية عنده وأراد المالك أن يضمنه ذلك فصالحه على شيء وضمن رجل موجب الصلح بشرط أن يحيله به على آخر أو يكفل به آخر صح الضمان وبطل الشرط ، لكن لا يخفى أن الضمان كفالة ، وقد مرت مسألة الكفالة ، ولم أر من أوضح ذلك فتأمل .

( قوله والنسب ) تقدم تصويره في مسألة دعوى الولد ( قوله والحجر على المأذون ) فلا يبطل به ويبطل الشرط شرنبلالية عن العمادية ، ومثله في جامع الفصولين ، ولا ينافي ما قدمه عن الأشباه لأن ذاك في بطلان تعليقه بالشرط كما قدمناه ( قوله والغصب ) كذا ذكره في جامع الفصولين وغيره مع ذكرهم مسألة جناية الغصب المارة ، وفيه أن الغصب فعل لا يقيد بشرط ، فإن كان المراد ضمان الغصب بشرط فهو داخل في الكفالة فافهم ( قوله وأمان القن ) أقول : في السير الكبير لمحمد بن الحسن تعليق الأمان : بالشرط جائز بدليل " { أن النبي صلى الله عليه وسلم حين أمن أهل خيبر علق أمانهم بكتمانهم شيئا وأبطل أمان آل أبي الجعد بكتمانهم الحلي } " ا هـ . وبه يعلم أن القن ليس قيدا حموي : أي سواء كانت إضافة الأمان من إضافة المصدر إلى فاعله أو إلى مفعوله وفي بعض النسخ وأمان النفس ( قوله وعقد الذمة ) فإن الإمام إذا فتح بلدة وأقر أهلها على أملاكهم وشرطوا معه في عقد الذمة أن لا يعطوا الجزية بطريق الإهانة كما هو المشروع ، فالعقد صحيح ، والشرط درر ( قوله وتعليق الرد بالعيب وبخيار الشرط ) هكذا عبر في الكنز ، وعبر في النهاية بقوله وتعليق الرد بالعيب بالشرط وتعليق الرد بخيار الشرط بالشرط ، ومثله في جامع الفصولين وغيره ، فعلم أن قوله بالعيب متعلق بالرد لا يتعلق ، وأن المراد أن الرد بخيار عيب أو شرط يصح تعليقه بالشرط . ولا يخفى أن الكلام فيما يصح ولا يفسد تقييده بالشرط الفاسد لا فيما صح تعليقه . فكان المناسب حذف لفظة تعليق كما فعل صاحب الدرر .

وقد يجاب بأن المراد بالتعليق التقييد أو أن كل ما صح تعليقه صح تقييده كما مر ، وبه ظهر أنه ليس المراد ما يتوهم أن تعليق الرد بأحد الخيارين بالشرط يصح تقييده بالشرط إذا لا يظهر تصوير تقييد التعليق . ثم إنه مثل للأول في البحر بما إذا قال إن وجدت بالمبيع عيبا أرده عليك إن شاء فلان وللثاني بما إذا قال من له خيار الشرط رددت البيع أو أسقطت خياري إن شاء فلان فإنه يصح ويبطل الشرط ا هـ تأمل وفي البحر من باب خيار الشرط ما نصه : فإن قلت : هل يصح تعليق إبطاله وإضافته ؟ قلت : قال في الخانية : لو قال من له الخيار إن لم أفعل كذا اليوم فقد أبطلت خياري كان باطلا ولا يبطل خياره ، وكذا لو قال في خيار العيب إن لم أرده اليوم فقد أبطلت خياري ولم يرده اليوم لا يبطل خياره . ولو لم يكن كذلك ولكنه قال أبطلت غدا أو قال أبطلت خياري إذا جاء غد فجاء غد ذكر في الملتقى أنه يبطل خياره . قال : وليس هذا كالأول لأن هذا وقت يجيء لا محالة بخلاف الأول ا هـ . قال في البحر هناك : فقد سووا بين التعليق والإضافة في المحقق مع أنهم لم يسووا بينهما في الطلاق والعتاق .

وفي التتارخانية : لو كان الخيار للمشتري فقال إن لم أفسخ اليوم فقد رضيت أو إن لم أفعل كذا فقد رضيت لا يصح ا هـ أي بل يبقى خياره ( قوله وعزل القاضي ) في جامع الفصولين : ولو قال الأمير لرجل إذا قدم فلان فأنت قاضي بلدة كذا أو أميرها يجوز ، ولو قال إذا أتاك كتابي هذا فأنت معزول ينعزل بوصوله وقيل لا ا هـ . وذكر في الدرر عن العمادية والأسروشنية أن الثاني به يفتى . واعترض بأن عبارة العمادية والأسروشنية قال ظهير الدين المرغيناني ونحن لا نفتي بصحة التعليق وهو فتوى الأوزجندي ا هـ [ ص: 254 ] وظاهر ما في جامع الفصولين ترجيح الأول ولذا مشى عليه في الكنز والملتقى وغيرهما ( قوله كعزلتك إن شاء فلان ) كذا مثل في البحر . واعترض بأن هذا تعليق وليس الكلام فيه . قلت : والعجب أنه في البحر اعترض على العيني مرارا بمثل هذا . وقد يجاب بأنه إذا لم يبطل بالتعليق لا يبطل بالشرط بالأولى كعزلتك على أن أوليك في بلدة كذا ( قوله لما ذكرنا ) أي في قوله لعدم المعاوضة المالية ( قوله وبقي ما يجوز تعليقه بالشرط ) هذه القاعدة الرابعة ، وقدمنا أنها داخلة تحت الثالثة ، لما في جامع الفصولين أن ما جاز تعليقه بالشرط لا تبطله الشروط كطلاق وعتق وحوالة وكفالة ويبطل الشرط ا هـ .

( قوله وهو مختص بالإسقاطات المحضة التي يحلف بها ) لو حذف قوله التي يحلف بها لدخل الإذن في التجارة وتسليم الشفعة لكونها إسقاطا ، ولكن لا يحلف بهما أفاده في البحر . ويدخل فيه أيضا الإبراء عن الكفالة فإنه يصح تعليقه بملائم كما مر في الإبراء عن الدين ( قوله والتوليات ) فيصح تعليقها بالملائم فقط ، وكذا في إطلاقات وتحريضات كما مر في الأصل الثاني ( قوله وتسليم الشفعة ) أي لأنه إسقاط محض كما علمت فيصح تعليقه . هذا وفي شفعة الهداية عند قوله وإذا صالح من شفعته على عوض بطلت ورد العوض ، لأن حق الشفعة لا يتعلق إسقاطه بالجائز من الشرط فبالفاسد أولى . واعترضه في العناية بما قال محمد في الجامع الصغير : لو قال سلمت الشفعة في هذه الدار إن كنت اشتريتها لنفسك وقد اشتراها لغيره فهذا ليس بتسليم لأنه علقه بشرط وصح ، لأن تسليم الشفعة إسقاط محض كالطلاق فصح تعليقه بالشرط ا هـ . قال الطوري في تكملة البحر : وقد يفرق بحمل ما في الهداية على التي تدل على الإعراض والرضا بالمجاورة مطلقا والثاني على خلافه فيفرق بين شرط وشرط ا هـ .

[ تنبيه ] لا يخفى أن هذا كله في التسليم بعد وجوبها . وبقي ما لو قال الشفيع قبل البيع إن اشتريت فقد سلمتها هل يصح أم لا ؟ بحث فيه الخير الرملي بقوله لا شبهة في أنه تعليق الإسقاط قبل الوجوب بوجود سببه ، ومقتضى قولهم التعليق بالشرط المحض يجوز فيما كان من باب الإسقاط المحض ، وقولهم المعلق بالشرط كالمنجز عند وجوده وقولهم من لا يملك التنجيز لا يملك التعليق إلا إذا علقه بالملك أو سببه صح التعليق المذكور لأنه إسقاط ، وقد علقه بسبب الملك فكأنه نجزه عند وجوده ، لكن أورد في الظهيرية إشكالا على كون تسليم الشفعة إسقاطا محضا ، وهو ما ذكره السرخسي في باب الصلح عن الجنايات من أن القصاص لا يصح تعليق إسقاطه بالشرط ، ولا يحتمل الإضافة إلى الوقت وإن كان إسقاطا محضا ، وهذا لا يرتد برد من عليه القصاص ، ولو أكره على إسقاط الشفعة لا يبطل حقه قال وبه تبين أن تسليم الشفعة ليس بإسقاط محض وإلا لصح مع الإكراه كسائر الإسقاطات ا هـ ، قال الرملي : وعليه لا يصح التعليق قبل الشراء كالتنجيز قبله والمسألة تقع كثيرا ، والذي يظهر عدم صحة التعليق ا هـ .

( قوله وحرر المصنف دخول الإسلام في القسم الأول ) أي ما لا يصح تعليقه بالشرط وذلك حيث ذكر أولا أن الإسلام لا بد فيه بعد الإتيان بالشهادتين من التبري كما علمت تفاصيله في الكتب المبسوطة . ويؤخذ عدم صحة تعليقه بالشرط من قولهم بعد صحة تعليق الإقرار بالشرط . وتحقيقه أن الإسلام تصديق بالجنان وإقرار باللسان وكلاهما لا يصح تعليقه بالشرط ، ومن المعلوم أن الكافر الذي يعلق إسلامه على فعل شيء غالبا يكون شيئا لا يريد [ ص: 255 ] كونه فلا يقصد تحصيل ما علق عليه . وقد ذكر الزيلعي وغيره أن الإسلام عمل ، بخلاف الكفر فإنه ترك ، ونظيره الإقامة والصيام ، فلا يصير المقيم مسافرا ، ولا الصائم مفطرا ، ولا الكافر مسلما بمجرد النية لأنه فعل ، ويصير مقيما وصائما وكافرا بمجرد النية لأنه ترك ، فإذا علقه المسلم على فعل . والظاهر أنه مختار في فعله فيكون قاصدا للكفر فيكفر بخلاف الإسلام ا هـ ( قوله ودخول الكفر هنا ) أي فيما يصح تعليقه . وفيه أن كلام المصنف كما سمعته آنفا ليس فيه تعرض لدخول الكفر في هذا القسم بل فيه ما ينافيه وهو أنه يصير كافرا بمجرد النية لأنه ترك : أي ترك العمل والتصديق فيتحقق في الحال قبل وجود المعلق عليه ، ولو صح تعليقه لما وجد في الحال فافهم ( قوله ويصح تعليقه هبة ) في البزازية من البيوع تعليق الهبة ب " أن " باطل ، وب " على " : إن ملائما كهبته على أن يعوضه يجوز ; وإن مخالفا بطل الشرط وصحت الهبة ا هـ بحر .

وهذا مخالف ما ذكره الشارح ، لأن كلامه في صحة التعليق بأداة الشرط لا في التقييد بالشرط ، لأن هذا تقدم في المتن حيث ذكر الهبة فيما لا يبطل بالشرط الفاسد فافهم ، لكن في البحر أيضا عن المناقب عن الناصحي : لو قال إن اشتريت جارية فقد ملكتها منك يصح ، ومعناه إذا قبضه بناء على ذلك ا هـ أي إذا قبض الموهوب له الموهوب بناء على التمليك يصح مع أنه معلق بإن ، وهو خلاف ما في البزازية مع إطلاق بطلانه ، ولعله قول آخر يجعل التعليق بالملائم صحيحا كالتقييد تأمل ( قوله وحوالة وكفالة ) في البزازية من البيوع ، وتعليق الكفالة إن متعارفا كقدوم المطلوب يصح ، وإن شرطا محضا كإن دخل الدار أو هبت الريح لا والكفالة إلى هبوب الريح جائزة والشرط باطل ، ونص النسفي أن الشرط إن لم يتعارف تصح الكفالة ويبطل الشرط والحوالة كهي ا هـ بحر ( قوله وإبراء عنها ) كإن وافيت به غدا فأنت بريء كما قدمناه في مسألة الإبراء عن الدين ( قوله بملائم ) قيد للأربعة .

[ تتمة ] بقي مما يصح تعليقه دعوة الولد كإن كانت جاريتي حاملا فمني وكذا الوصية والإيصاء والوكالة والعزل عن القضاء فهذه نص في البحر عليها في أثناء شرحها ونبهنا على ذلك والإبراء عن الدين إذا علق بكائن أو بمتعارف كما مر وذكر في جامع الفصولين مما يصح تعليقه إذن القن وكذا النكاح بشرط علم للحال وكذا تعليق الإمهال أي تأجيل الدين غير القرض إن علق بكائن ولو قال بعته بكذا إن رضي فلان جاز البيع والشرط جميعا ولو قال بعته منك إن شئت فقال قبلت تم البيع وقدمنا تقييد مسألة البيع بما إذا وقته بثلاثة أيام وذكر خلافا في صحة تعليق القبول .




الخدمات العلمية