الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والذمي كالمسلم في بيع ) كصرف وسلم وربا وغيرها ( غير الخمر والخنزير وميتة لم تمت حتف أنفها ) بل بنحو خنق أو ذبح مجوسي فإنها كخنزير [ ص: 229 ] وقد أمرنا بتركهم وما يدينون

التالي السابق


( قوله غير الخمر والخنزير إلخ ) فإنا نجيز بيع بعضهم بعضا لخصوص فيه من قول عمر رضي الله تعالى عنه أخرجه أبو يوسف في كتاب الخراج حضر عمر بن الخطاب ، واجتمع إليه عماله فقال يا هؤلاء إنه بلغني أنكم تأخذون في الجزية الميتة والخنزير والخمر فقال بلال : أجل إنهم يفعلون ذلك فقال فلا تفعلوا ، ولكن ولوا أربابها بيعها ثم خذوا الثمن منهم ولا نجيز فيما بينهم بيع الميتة والدم فتح ( قوله وميتة إلخ ) هذا زاده ابن الكمال وصاحب الدرر استدراكا على الهداية بأن المستثنى غير محصور بالخمر والخنزير واستدرك أيضا في النهر شراؤه عبدا مسلما أو مصحفا . قلت : هذا إنما يظهر أن لو كان التشبيه في قولهم : والذمي كالمسلم إلخ من جهة الحل والحرمة والظاهر أنه من جهة الصحة والفساد لأن الصحيح من مذهب أصحابنا أن الكفار مخاطبون بشرائع ، وهي محرمات ، فكانت ثابتة في حقهم أيضا ، فلو كان التشبيه من جهة الحل والحرمة لم يصح استثناء شيء ، فتعين ما قلنا وحينئذ فلا يدخل الجبر على البيع في التشبيه حتى يصح استثناؤه ولذا غاير المصنف في التعبير فقال : وصح شراؤه عبدا إلخ ، ثم هذا [ ص: 229 ] على رواية أن بيع ما لم يمت حتف أنفه صحيح بينهم ، وفي رواية أنه فاسد بخلاف ما مات حتف أنفه فإن بيعه باطل فيما بيننا وبينهم ، كما مر أول البيع الفاسد .

مطلب أمرنا بتركهم وما يدينون ( قوله وقد أمرنا بتركهم وما يدينون ) كذا في الهداية وقال دل عليه قول عمر : ولوهم بيعها وخذوا العشر من أثمانها ا هـ وأشار به إلى أن إعراضنا عنهم ، ليس لكونها مباحة شرعا في حقهم كما هو قول البعض ، بل الحرمة ثابتة في حقهم في الصحيح ، لأنهم مخاطبون بها كما قلنا لكنهم لا يمنعون من بيعها ، لأنهم لا يعتقدون حرمتها ويتمولونها وقد أمرنا بتركهم وما يدينون كما في البحر عن البدائع ، لكن الأولى الاستدلال بأن هذا مخصوص بالأثر المنقول عن عمر كما مر ، وإلا ورد عليه أنه لو اعتقدوا حل ما مات حتف أنفه أن يصح بيعه ، مع أنهم لو ارتفعوا إلينا نحكم ببطلانه وأيضا لو اعتقدوا حل السلم أو الصرف أو نحوهما ، بدون شروطه المعتبرة عندنا نحكم بينهم بشرعنا إلا في الخمر والخنزير فعقدهم عليهما كعقدنا على الشاة والعصير ، وفي البحر عن حدود القنية ويمنع الذمي عما يمنع المسلم إلا شرب الخمر فإن غنوا وضربوا العيدان منعوا كالمسلمين لأنه لم يستثن عنهم ا هـ قال في النهر : ويرد عليه أنه لا يمنع من لبس الحرير والذهب بخلاف المسلم ا هـ




الخدمات العلمية