الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويصح فيما أمكن ضبط صفته ) كجودته ورداءته ( ومعرفة قدره كمكيل وموزون و ) خرج بقوله ( مثمن ) الدراهم والدنانير لأنها أثمان فلم يجز فيها السلم خلافا لمالك [ ص: 210 ] ( وعددي متقارب كجوز وبيض وفلس ) وكمثرى ومشمش وتين ( ولبن ) بكسر الباء ( وآجر بملبن معين ) بين صفته ومكان ضربه خلاصة وذرعي كثوب بين قدره طولا وعرضا ( وصنعته ) كقطن وكتان ومركب منهما ( وصفته ) كعمل الشام أو مصر أو زيد أو عمرو ( ورقته ) أو غلظه ( ووزنه إن بيع به ) فإن الديباج كلما ثقل وزنه زادت قيمته [ ص: 211 ] والحرير كلما خف وزنه زادت قيمته فلا بد من بيانه مع الذرع ( لا ) يصح ( في ) عددي ( متفاوت ) هو ما تتفاوت ماليته ( كبطيخ وقرع ) ودر ورمان فلم يجز عددا بلا مميز وما جاز عدا جاز كيلا ووزنا نهر

التالي السابق


( قوله ويصح فيما أمكن ضبط صفته ) لأنه دين وهو لا يعرف إلا بالوصف فإذا لم يمكن ضبطه به يكون مجهولا جهالة تفضي إلى المنازعة ، فلا يجوز كسائر الديون نهر ( قوله كمكيل وموزون ) فلو أسلم في المكيل وزنا كما إذا أسلم في البر والشعير بالميزان فيه روايتان والمعتمد الجواز لوجود الضبط وعلى هذا الخلاف لو أسلم في الموزون كيلا بحر ( قوله فلم يجز فيها السلم ) لكن [ ص: 210 ] إذا كان رأس المال دراهم أو دنانير أيضا كان العقد باطلا اتفاقا ، وإن كان غيرها كثوب في عشرة دراهم لا يصح سلما اتفاقا ، وهل ينعقد بيعا في الثوب بثمن مؤجل ؟ قال أبو بكر الأعمش : ينعقد وعيسى بن أبان لا وهو الأصح نهر وهذا صححه في الهداية ورجح في الفتح الأول وأقره في البحر واعترضه في النهر بما هو ساقط جدا كما أوضحته فيما علقته على البحر .

( قوله وعددي متقارب ) الفاصل بين المتفاوت والمتقارب أن ما ضمن مستهلكه بالمثل ، فهو متقارب وبالقيمة يكون متفاوتا بحر عن المعراج ( قوله كجوز ) أي جوز الشام بخلاف جوز الهند كما في البحر ( قوله وبيض ) ظاهر الرواية أن بيض النعام من المتقارب في رواية الحسن عن الإمام لا يجوز لتفاوت آحاده ، والوجه أن ينظر إلى الغرض في العرف ، فإن كان الغرض منه الأكل فقط كعرف أهل البوادي وجب العمل بالأول أو القشر ليتخذ في سلاسل القناديل كما في مصر وغيرها وجب العمل بالرواية الأخرى ووجب مع ذكر العدد تعيين المقدار واللون مع لقاء البياض وإهداره في الفتح ، وأجازوه في الباذنجان والكاغد عددا وحمله في الفتح على باذنجان ديارهم وفي ديارنا ليس كذلك وعلى كاغد بقالب خاص وإلا لا يجوز ا هـ .

وفي الجوهرة : لا يجوز السلم في الورق إلا أن يشترط منه ضرب معلوم الطول والعرض والجودة ( قوله وفلس ) الأولى وفلوس لأنه مفرد لا اسم جنس قيل وفيه خلاف محمد لمنعه بيع الفلس بالفلسين إلا أن ظاهر الرواية عنه كقولهما وبيان الفرق في النهر وغيره ( قوله بكسر الباء ) أي الموحدة وقد تخفف فيصير كحمل كما في المصباح وهو الطوب النيء نهر ( قوله وآجر ) بضم الجيم وتشديد الراء مع المد أشهر من التخفيف وهو اللبن إذا طبخ مصباح ( قوله بملبن ) كمنبر قالب الطين قاموس فهو بفتح الباء . وما في البحر عن الصحاح من أنه بكسر الباء فهو سبق قلم فإنه لم يوجد في الصحاح بل الذي فيه الملبن قالب اللبن والملبن المحلب ( قوله بين صفته ومكان ضربه خلاصة ) فيه نظر فإن عبارة الخلاصة ولا بأس في السلم في اللبن والآجر إذا بين الملبن والمكان وذكر عددا معلوما .

والمكان : قال بعضهم : مكان الإيفاء وهذا قول أبي حنيفة ، وقال بعضهم : المكان الذي يضرب فيه اللبن ا هـ أي لاختلاف الأرض رخاوة وصلابة وقربا وبعدا ، ولا يخفى أن الملبن إذا كان معينا لا يحتاج إلى بيان صفته ، بخلاف ما إذا كان غير معين فلا بد من كونه معلوما ، ويعلم كما في الجوهرة بذكر طوله وعرضه وسمكه ( قوله وذرعي كثوب إلخ ) وكالبسط والحصر والبواري كما في الفتح ، وأراد بالثوب غير المخيط قال في الفتح : ولا في الجلود عددا وكذا الأخشاب والجوالقات والفراء والثياب المخيطة والخفاف والقلانس إلا أن يذكر العدد لقصد التعدد في المسلم فيه ضبطا للكمية ، ثم يذكر ما يقع به الضبط كأن يذكر في الجلود مقدارا من الطول والعرض بعد النوع كجلود البقر والغنم إلخ ( قوله بين قدره ) أي كونه كذا ذراعا فتح .

وظاهره أن الضمير للثوب لا للذراع وفي البزازية إن أطلق الذراع فله الوسط وفي الذخيرة اختلفوا في قول محمد له ذراع وسط فقيل المراد به المصدر أي فعل الذرع فلا يمد كل المد ولا يرخي كل الإرخاء وقيل الآلة والصحيح أنه يحمل عليهما ( قوله كقطن ) فيه أن هذا جنس والصفة كأصغر ومركب منهما كالملحم ط عن المنح وفسر الصفة في الدرر بالرقة والغلظ لكنه لا يناسب المتن ( قوله فإن الديباج ) هو ثوب سداه ولحمته إبريسم بكسر الدال أصوب من فتحها مصباح ، وهو [ ص: 211 ] نوع من الحرير ( قوله والحرير إلخ ) قال في الفتح : هذا عرفهم وعرفنا ثياب الحرير أيضا وهي المسماة بالكمخاء كلما ثقلت زادت القيمة .

فالحاصل : أنه لا بد من ذكر الوزن سواء كانت القيمة تزيد بالثقل أو بالخفة ا هـ ( قوله فلا بد من بيانه مع الذرع ) هو الصحيح كما في الظهيرية ، ولو ذكر الوزن بدون الذرع لا يجوز وقيده خواهر زاده بما إذا لم يبين لكل ذراع ثمنا فإن بينه جاز كذا في التتارخانية نهر ( قوله ما تتفاوت ماليته ) أي مالية أفراده ( قوله بلا مميز ) أي بلا ضابط غير مجرد العدد كطول وغلظ ونحو ذلك فتح ( قوله وما جاز عدا جاز كيلا ووزنا ) وما يقع من التخلخل في الكيل بين كل نحو بيضتين مغتفر لرضا رب السلم بذلك ، حيث أوقع العقد على مقدار ما يملأ هذا الكيل مع تخلخله ، وإنما يمنع ذلك في أموال الربا إذا قوبلت بجنسها ، والمعدود ليس منها وإنما كان باصطلاحهما ، فلا يصير بذلك مكيلا مطلقا ليكون ربويا وإذا أجزناه كيلا فوزنا أولى فتح .

وكذا ما جاز كيلا جاز وزنا وبالعكس على المعتمد لوجود الضبط كما قدمناه عن البحر : أي وإن لم يجر فيه عرف كما قدمناه في الربا قبيل قوله والمعتبر تعيين الربوي




الخدمات العلمية