الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( النيابة تجري في الاستحلاف لا الحلف ) وفرع على الأول بقوله ( فالوكيل والوصي والمتولي وأبو الصغير يملك الاستحلاف ) فله طلب يمين خصمه ( ولا يحلف ) أحد منهم ( إلا إذا ) ادعى عليه العقد أو ( صح إقراره ) على الأصيل فيستحلف حينئذ ، كالوكيل بالبيع فإن إقراره صحيح على الموكل ، فكذا نكوله . وفي الخلاصة : كل موضع لو أقر لزمه فإذا أنكره يستحلف إلا في ثلاث ذكرها ، والصواب في أربع وثلاثين لما مر عن الخانية ; وزاد ستة أخرى في البحر ، وزاد أربعة عشر في تنوير البصائر حاشية الأشباه والنظائر لابن المصنف ، ولولا خشية التطويل لأوردتها كلها .

( التحليف على فعل نفسه يكون على البتات ) أي القطع بأنه ليس كذلك ( و ) التحليف ( على فعل غيره ) يكون ( على العلم ) أي إنه لا يعلم أنه كذلك لعدم علمه بما فعل غيره ظاهرا ، اللهم ( إلا إذا كان ) فعل الغير ( شيئا يتصل به ) أي بالحالف وفرع عليه بقوله ( فإن ادعى ) مشتري العبد ( سرقة العبد أو إباقه ) وأثبت ذلك ( يحلف ) البائع . [ ص: 553 ] ( على البتات ) مع أنه فعل الغير وإنما صح باعتبار وجوب تسليمه سليما فرجع إلى فعل نفسه فحلف على البتات لأنها آكد ولذا تعتبر مطلقا بخلاف العكس درر عن الزيلعي . وفي شرح المجمع عنه : هذا إذا قال المنكر لا علم لي بذلك ، ولو ادعى العلم حلف على البتات كمودع ادعى قبض ربها وفرع على قوله وفعل غيره على العلم بقوله ( وإذا ادعى ) بكر ( سبق الشراء ) له على شراء زيد ولا بينة ( يحلف خصمه ) وهو بكر ( على العلم ) أي أنه لا يعلم أنه اشتراه قبله لما مر .

التالي السابق


( قوله لا الحلف ) يخالفه ما يأتي عن شرح الوهبانية من أن الأخرس الأصم الأعمى يحلف وليه . ( قوله ولا يحلف إلخ ) الأولى أن يقول وفرع على الثاني بقوله ولا يحلف إلخ . ( قوله على الأصيل ) أي الوكيل فقط كذا في الهامش . ( قوله فيستحلف إلخ ) بقي هل يستحلف على العلم أو على البتات ؟ ذكر في الفصل السادس والعشرين من نور العين أن الوصي إذا باع شيئا من التركة فادعى المشتري أنه معيب فإنه يحلف على البتات ، بخلاف الوكيل فإنه يحلف على عدم العلم ا هـ فتأمله كذا بخط بعض الفضلاء . ( قوله والصواب في أربع وثلاثين ) أي بضم الثلاثة إلى ما في الخانية ، لكن الأولى منها مذكورة في الخانية .

( قوله لابن المصنف ) وهو الشيخ شرف الدين عبد القادر وهو صاحب تنوير البصائر وأخوه الشيخ صالح صاحب الزواهر كذا يفهم من كتاب الوقف .

( قوله سرقة العبد إلخ ) يعني أن مشتري العبد إذا ادعى أنه سارق أو آبق وأثبت إباقه أو سرقته في يد نفسه وادعى أنه أبق أو سرق في يد البائع وأراد التحليف يحلف البائع بالله ما أبق بالله ما سرق في يدك وهذا تحليف على فعل الغير درر كذا في الهامش .

( قوله أو إباقه ) ليس المراد بالإباق الذي يدعيه المشتري الإباق الكائن عنده ، إذ لو أقر به البائع لا يلزم شيء لأن الإباق من العيوب التي لا بد فيها من المعاودة بأن يثبت وجوده عند البائع ثم عند المشتري كلاهما في صغره أو كبره على ما سبق في محله أبو السعود . وفي الحواشي السعدية ، قوله يحلف على البتات بالله ما أبق . [ ص: 553 ] أقول : الظاهر أنه يحلف على الحاصل بالله ما عليك الرد فإن في الحلف على السبب يتضرر البائع أو قد يبرأ المشتري على العيب ا هـ ( قوله على البتات ) كل موضع وجب اليمين فيه على العلم فحلف على البتات كفى وسقطت عنه وعلى عكسه لا ، ولا يقضى بنكوله على ما ليس واجبا عليه بحر .

( قوله لأنها آكد ) أي لأن يمين البتات آكد من يمين العلم ا هـ ح .

( قوله ولذا تعتبر مطلقا ) أي ولكون يمين البتات آكد من يمين العلم تعتبر في فعل نفسه وفي فعل غيره ح كذا في الهامش ( قوله مطلقا ) أي فعل نفسه وفعل غيره .

( قوله بخلاف العكس ) يعني : أن يمين العلم لا تكفي في فعل نفسه ح كذا في الهامش .

( قوله عن الزيلعي ) قال الزيلعي : في كل موضع يجب اليمين فيه على البتات فحلف على العلم لا يكون معتبرا حتى لا يقضى عليه ولا يسقط اليمين عنه ، وفي كل موضع وجب اليمين فيه على العلم فحلف على البتات يعتبر اليمين حتى يسقط اليمين عنه ويقضى عليه إذا نكل لأن الحلف على البتات آكد فيعتبر مطلقا بخلاف العكس ا هـ .

وفي جامع الفصولين قبل هذا الفرع مشكل . قال الرملي : وجه إشكاله أنه يقضى عليه مع أنه غير مكلف إلى البت ويزول الإشكال بأنه مسقط لليمين الواجبة عليه فاعتبر فيكون قضاء بعد نكول عن يمين مسقط للحلف عنه بخلاف عكسه ولهذا يحلف ثانيا لعدم سقوط الحلف عنه بها فنكوله عنه لعدم اعتباره والاحتراز به فلا يقضى عليه بسببه تأمل ا هـ . واستشكل في السعدية الفرعين ولم يجب على الثاني ، وأجاب عن الأول بأنه يجوز أن يكون نكوله لعلمه بعدم فائدة اليمين على العلم فلا يحلف حذرا عن التكرار ا هـ وهو بمعنى ما ذكره الرملي ( قوله وهو بكر ) تفسير للضمير ، والأولى أن يقول : أي خصم بكر وهو زيد .

أقول : تبع الشارح في هذا المصنف وصاحب الدرر . قال بعض مشايخنا : صوابه زيد لأنه هو المنكر واليمين عليه . ويمكن أن يقال أن يحلف بالبناء للفاعل لا للمفعول ; ومعناه أن يطلب من القاضي تحليفه لأن ولاية التحليف له فيكون قوله وهو بكر تفسيرا للضمير في خصمه لكن فيه ركاكة س . وقال في الهامش : قوله وهو بكر راجع إلى المضاف إليه لا للمضاف ، ولو قال وهو زيد لكان أولى ح .




الخدمات العلمية