الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ادعى على آخر ) حقا عيني أو ( مائة دينار ولم يبينها ) أجيدة أم رديئة أو أشرافية [ ص: 297 ] لتصح الدعوى ( فقال ) رجل للمدعي دعه فأنا كفيل بنفسه و ( إن لم أوافك به غدا فعليه ) أي فعلي ( المائة فلم يواف ) الرجل ( به غدا فعليه المائة ) التي بينها المدعي ، إما بالبينة أو بإقرار المدعى عليه ، وتصح الكفالتان ; لأنه إذا بين التحق البيان بأصل الدعوى فتبين صحة الكفالة بالنفس فترتب عليها الثانية ( والقول له ) أي للكفيل ( في البيان ) لأنه يدعي صحة الكفالة ، وكلام السراج يفيد اشتراط إقرار المدعى عليه بالمال فليحرر .

التالي السابق


( قوله : ادعى على آخر حقا ) أفاد أنه لا فرق بين أن لا يبين مقدارا أصلا أو يبين [ ص: 297 ] المقدار ولم يبين صفته ، وقد جمع بين المسألتين الإمام محمد في الجامع الصغير ، واقتصر في الكنز على الثانية .

قال في النهر : ولو تبعه المصنف لكان أولى ، والخلاف الآتي جار فيهما خلافا لما يوهمه كلام البحر .

( قوله : لتصح الدعوى ) علة للمنفي بلم ، أفاد أن صحة الدعوى وقت الكفالة غير شرط .

( قوله : أي فعليه المائة ) أي المائة الدينار المذكورة ، والأولى أن يزيد مائة دينار منكرة لأجل قوله حقا ، وقيد بكونه كفل بقدر معلوم ، لما في كافي الحاكم من أنه لو كفل بنفسه على أنه إن لم يواف به غدا فعليه ما للطالب عليه من شيء فلم يواف به في الغد ، وقال الكفيل لا شيء لك عليه فالقول له مع يمينه على علمه ، وكذلك إذا أقر الكفيل بمائة ، والمطلوب بمائتين صدق المطلوب على نفسه ولم يصدق على الكفيل ، ولو قال فعليه من المال ما أقر به المطلوب فأقر المطلوب بألف ، فالكفيل ضامن لها ولو قال فعليه ما ادعى الطالب وادعى ألفا وأقر له بها المطلوب ، فالقول للكفيل مع يمينه على علمه ا هـ .

( قوله : فعليه المائة ) هذا قول الإمام والثاني آخرا .

وقال محمد : إن لم يبينها ، ثم ادعى وبينها لا تلزمه ، وتمامه في النهر .

( قوله : أما بالبينة إلخ ) تابع فيه صاحب النهر ، وكأنه أخذه مما يأتي عن السراج من اشتراط إقرار المدعى عليه بالمال ، والبينة مثل الإقرار لكن هذا مخالف لكلام المصنف وغيره من أن القول للمدعي كما يأتي .

( قوله : والقول له أي الكفيل ) عبارة المصنف في المنح : أي للمكفول له وهي الصواب ، وقد تبع الشارح الدرر .

واعترضه في العزمية بقوله هذا سهو ظاهر والصواب للمدعي .

أما دراية فلأن قولهم : لأنه يدعي الصحة يشهد بذلك ، فإن ادعاء الصحة لا يوافق مدعاه .

وأما رواية فلقوله في معراج الدراية ويكون القول له في هذا البيان ; لأنه يدعي الصحة ، والكفيل يدعي الفساد ذكره في الذخيرة ا هـ .

وفي غاية البيان : ويقبل قول المدعي أنه أراد ذلك عند الدعوى ; لأنه يدعي الصحة ا هـ ما في العزمية .

وفي النهاية : فإذا بين المدعي ذلك عند القاضي ينصرف بيانه إلى ابتداء الدعوى والملازمة ، فتظهر صحة الكفالة بالنفس والمال جميعا ويكون القول قوله في هذا البيان ; لأنه يدعي صحة الكفالة ا هـ ومثله في شرح الجامع الصغير لقاضي خان ، فهذه العبارات صريحة في المراد ، وهو ظاهر عبارات المتون والهداية .

( قوله : وكلام السراج يفيد إلخ ) وذلك حيث قال : ولو ادعى على رجل ألفا فأنكره فقال له رجل إن لم أوافك به غدا فهي علي فلم يوافه به غدا لا يلزمه شيء ; لأن المكفول عنه لم يعترف بوجود المال ولا اعترف الكفيل بها أيضا ، فصار هذا مالا معلقا بخطر فلا يجوز ا هـ .

( قوله : فليحرر ) لا يخفى أن ما في السراج لا يعارض ما في مشاهير كتب المذهب التي ذكرناها .

وقال السائحاني : الذي تحرر لي أن يحمل ما في السراج على قول محمد وقول أبي يوسف ثانيا ا هـ وهو ظاهر .

ولا يقال إن قال السراج فأنكره يفيد التوفيق بحمل كلامهم على الإقرار ; لأنه خلاف ما فرض به المسألة في كافي [ ص: 298 ] الحاكم من كون الكفيل والمطلوب منكرين للمال




الخدمات العلمية