الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو قال ) من يراد حبسه ( أبيع عرضي وأقضي ديني أجله القاضي ) يومين أو ( ثلاثة أيام ولا يحبسه ) لأن الثلاثة مدة ضربت لإبلاء الأعذار ( ولو له عقار يحبسه ) أي ( ليبيعه ويقضي الدين ) الذي عليه ( ولو بثمن قليل ) بزازية وسيجيء تمامه في الحجر ( ولم يمنع غرماءه عنه ) على الظاهر فيلازمونه نهارا لا ليلا إلا أن يكتسب فيه ويستأجر للمرأة مرأة تلازمها منية . [ ص: 388 ] فرع ] لو اختار المطلوب الحبس والطالب الملازمة ففي حجر الهداية يخير الطالب إلا لضرر ، وكلفه في البزازية الكفيل بالنفس وللطالب ملازمته بلا أمر قاض لو مقرا بحقه .

التالي السابق


( قوله : أبيع عرضي ) انظر ما فائدة التقييد بالعرض ، فإن العقار كذلك فيما يظهر ، وكذا لو قال أمهلني ثلاثا لأدفعه كما قدمناه عن شرح الوهبانية ، وهذا أعم من أن يدفعه ببيع عرض أو عقار أو باستقراض أو استيهاب أو غير ذلك ولا داعي إلى ما قاله المصنف في المنح من حمله على المقيد هنا كما لا يخفى .

( قوله : لإبلاء الأعذار ) أي لاختبار مدعيها ويحتمل أن الهمزة للسلب والإبلاء بمعنى الإفناء أي لإزالة الأعذار يعني أنه لا عذر له بعدها فالثلاثة تبلي الأعذار وتفنيها ط .

( قوله : وسيجيء تمامه في الحجر ) قال المصنف والشارح هناك والقاضي يحبس الحر المديون ليبيع ماله لدينه وقضى دراهم دينه من دراهمه يعني بلا أمره ، وكذا لو كان دنانير وباع دنانيره بدراهم دينه وبالعكس استحسانا لاتحادهما في الثمنية لا يبيع القاضي عرضه ولا عقاره للدين خلافا لهما ، وبه أي بقولهما يبيعهما للدين يفتى ، اختيار وصححه في تصحيح القدوري ويبيع كل ما لا يحتاجه للحال ا هـ . وحاصله : أنه إذا امتنع عن البيع يبيع عليه القاضي عرضه وعقاره وغيرهما وفي البزازية وفرع على صحة الحجر أنه يترك له دست من الثياب ويباع الباقي وتباع الحسنة ويشترى له الكفاية ويباع كانون الحديد ويشترى له من طين ويباع في الصيف ما يحتاجه للشتاء وعكسه .

( قوله : ولم يمنع غرماءه عنه ) عطف على قوله خلاه وكان ينبغي ذكره عقبه .

( قوله : على الظاهر ) أي ظاهر الرواية وهو الصحيح بحر . مطلب في ملازمة المديون .

( قوله : فيلازمونه إلخ ) قال في أنفع الوسائل : وبعدما خلى القاضي سبيله فلصاحب الدين أن يلازمه في الصحيح ، وأحسن الأقاويل في الملازمة ما روي عن محمد أنه قال : يلازمه في قيامه وقعوده ولا يمنعه من الدخول على أهله ولا من الغداء والعشاء والوضوء والخلاء وله أن يلازمه بنفسه وإخوانه وولده ممن أحب ا هـ ، وتمامه في البحر .

( قوله : لا ليلا ) لأنه ليس بوقت الكسب فلا يتوهم وقوع المال في يده فالملازمة لا تفيد بحر عن المحيط ويظهر منه أنه ليس له الملازمة في وقت لا يتوهم وقوع المال في يده فيه كما لو كان مريضا مثلا تأمل وأنه ليس ملازمته ليلا على قصد الإضجار ; لأن الكلام فيما بعد ظهور عسرته وتخليته من الحبس والعلة في الملازمة إمكان قدرته على الوفاء بعد تخليته فيلازمه كي لا يخفيه .

( قوله : ويستأجر للمرأة مرأة تلازمها منية ) عبارة منية المفتي ولو كان المدعى عليه [ ص: 388 ] امرأة قيل يستأجر امرأة تلازمها وقيل له أن يلازمها ويجلس معها ويقبض على ثيابها بالنهار ، أما بالليل فتلازمها النساء فإن هربت ودخلت خربة لا بأس أن يدخل الرجل إذا كان يأمن على نفسه في ذلك ويكون بعيدا منها ويحفظها بعينه ا هـ ، ونقل الثاني في البحر عن الواقعات معللا بأن له ضرورة في هذه الخلوة ،

أي الخلوة بالمرأة الأجنبية .

( قوله : إلا لضرر ) عبارة الهداية إلا إذا علم القاضي أن بالملازمة يدخل عليه ضرر بين ، بأن لا يمكنه من دخول داره فحينئذ يحبسه دفعا للضرر ا هـ . قلت : والظاهر أن هذا فيمن لم يظهر للقاضي عسرته بعد حبسه وإلا فكيف يحبس ثانيا بلا ظهور غناه أو هو مفروض فيما قبل الحبس أصلا .

( قوله : وكلفه في البزازية الكفيل بالنفس ) الأولى بكفيل بالباء وعبارة البزازية نقلا عن الإمام محمد ، وإن في ملازمته ذهاب قوته وعياله أكلفه أن يقيم كفيلا بنفسه ثم يخلي سبيله




الخدمات العلمية