الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الإقرار بشيء محال وبالدين بعد الإبراء منه باطل ، ولو بمهر بعد هبتها له على الأشبه . نعم لو ادعى دينا بسبب حادث بعد الإبراء العام ، وأنه أقر به يلزمه ذكره المصنف في فتاويه .

قلت : ومفاده أنه لو أقر ببقاء الدين أيضا فحكمه كالأول وهي واقعة الفتوى فتأمل . الفعل في المرض أحط من فعل الصحة إلا في مسألة إسناده الناظر لغيره بلا شرط فإنه صحيح في المرض لا في الصحة تتمة وتمامه في الأشباه وفي الوهبانية : [ ص: 628 ] أقر بمهر المثل في ضعف موته فبينة الإيهاب من قبل تهدر     وإسناد بيع فيه للصحة اقبلن
وفي القبض من ثلث التراث يقدر     وليس بلا تشهد مقرا نعده
ولو قال لا تخبر فخلف يسطر     ومن قال ملكي ذا الذي كان منشأ
ومن قال هذا ملك ذا فهو مظهر     ومن قال لا دعوى لي اليوم عند ذا
فما يدعي من بعد منها فمنكر .

التالي السابق


( قوله : بشيء محال ) كما لو أقر له بأرش يده التي قطعها خمسمائة درهم ويداه صحيحتان لم يلزمه شيء كما في حيل التتارخانية ، وعلى هذا أفتيت ببطلان إقرار إنسان بقدر من السهام لوارث ، وهو أزيد من الفريضة الشرعية لكونه محالا شرعا ، ولا بد من كونه محالا من كل وجه ، وإلا فلو أقر أن لهذا الصغير علي ألف درهم قرض أقرضنيه أو من ثمن مبيع باعنيه صح الإقرار كما مر أشباه ملخصا ( قوله : وبالدين ) قيد به لأن إقراره بالعين بعد الإبراء العام صحيح مع أنه يبرأ من الأعيان في الإبراء العام كما صرح به في الأشباه ; وتحقيق الفرق في رسالة الشرنبلالي في الإبراء العام ( قوله : بعد هبتها له على الأشبه ) قال في البزازية وفي المحيط : وهبت المهر منه ثم قال : اشهدوا أن لها علي مهرا كذا فالمختار عند الفقيه ، أن إقراره جائز ، وعليه المذكور إذا قبلت لأن الزيادة لا تصح بلا قبولها والأشبه أن لا يصح . ولا تجعل زيادة بغير قصد الزيادة عن الحموي برهن أنه أبرأني عن هذه الدعوى ثم ادعى المدعي ثانيا أنه أقر لي بالمال بعد إبرائي فلو قال المدعى عليه أبرأني ، وقبلت الإبراء وقال صدقته فيه لا يصح الدفع يعني دعوى الإقرار ، ولو لم يقله يصح الدفع لاحتمال الرد ، والإبراء يرتد بالرد فيبقى المال عليه بخلاف قبوله ; إذ لا يرتد بالرد بعده جامع الفصولين ، لكن كلامنا في الإبراء عن الدين ; وهذا في الإبراء عن الدعوى .

وفي الرابع والعشرين من التتارخانية : ولو قال : أبرأتك مما لي عليك فقال لك علي ألف قد صدقت فهو بريء استحسانا لا حق لي في هذه الدار فقال كان لك سدس ، فاشتريتها منك فقال : لم أبعه فله السدس ، ولو قال خرجت عن كل حق لي في هذه الدار أو برئت منه إليك أو أقررت لك ، فقال الآخر اشتريتها منك فقال لم أقبض الثمن فله الثمن ا هـ وفيها عن العتابية ولو قال : لا حق لي قيل برئ من كل عيب ودين وعلى هذا لو قال فلان بريء مما لي قبله دخل المضمون والأمانة ، ولو قال هو بريء مما لي عليه دون المضمون دون الأمانة ولو قال هو بريء مما لي عنده فهو بريء من كل شيء أصله أمانة ، ولا يبرأ عن المضمون ، ولو ادعى الطالب حقا بعد ذلك وأقام بينة ، فإن كان أرخ بعد البراءة تسمع دعواه وتقبل بينته ، وإن لم يؤرخ فالقياس أن تسمع وحمل على حق وجب بعدها وفي الاستحسان لا تقبل بينته ( قوله : ذكره المصنف في فتاويه ) ونصه سئل عن رجلين صدر بينهما إبراء عام ، ثم إن رجلا منهما بعد الإبراء العام أقر أن في ذمته مبلغا معينا للآخر فهل يلزمه ذلك أم لا ؟ أجاب : إذا أقر بالدين بعد الإبراء منه لم يلزمه كما في الفوائد الزينية نقلا عن التتارخانية نعم إذا ادعى عليه دينا بسبب حادث بعد الإبراء العام وأنه أقر به يلزمه ا هـ .

وانظر ما في إقرار تعارض البينات لغانم البغدادي ( قوله قلت ومفاده ) أي مفاد تقييد اللزوم بدعواه بسبب حادث ، وقوله : لو أقر ببقاء الدين أي بأن قال : ما أبرأني منه باق في ذمتي ، والفرق بين هذا وبين قوله السابق وبالدين بعد الإبراء منه أنه قال هناك بعد الإبراء : لفلان علي كذا تأمل ( قوله ببقاء الدين ) أي بعد الإبراء العام ( قوله : كالأول ) أي الإقرار بالدين بعد الإبراء منه ( قوله تتمة ) اسم كتاب [ ص: 628 ] قوله أقر بمهر المثل ) قيد به ; إذ لو كان الإقرار بأزيد منه لم يصح ( قوله : الإيهاب ) أي لو أقامت الورثة البينة ومثله الإبراء كما حققه ابن الشحنة ( قوله من قبل تهدر ) أي في حالة الصحة أن المرأة وهبت مهرها من زوجها في حياته لا تقبل ، ولا ينافي هذا ما قدمه الشارح من بطلان الإقرار بعد الهبة لاحتمال أنه أبانها ثم تزوجها على المهر المذكور في هذه المسألة كذا قيل وفيه أن الاحتمال موجود ثمة ( قوله وإسناد ) قال في المنتقى لو أقر في المرض الذي مات فيه أنه باع هذا العبد من فلان في صحته ، وقبض الثمن وادعى ذلك المشتري ، فإنه يصدق في البيع ، ولا يصدق في قبض الثمن إلا بقدر الثلث هذه مسألة النظم إلا أنه أغفل فيه قيد تصديق المشتري ابن الشحنة مدني وقدمنا قبل نحو خمسة أوراق عن نور العين كلاما فراجعه ( قوله فيه ) أي في ضعف الموت ( قوله من ثلث التراث ) أي الميراث ( قوله تشهد ) بإسكان الدال المهملة ( قوله نعده ) بفتح النون وبالعين ورفع الدال المشددة ( قوله فخلف ) برفع الخاء وإسكان اللام قال المقدسي ذكر محمد أن قوله لا تخبر فلانا أن له علي ألفا إقرار وزعم السرخسي أن فيه روايتين سائحاني ( قوله : منشأ ) أي كان هبة ( قوله مظهر ) بضم الميم أي مقر .




الخدمات العلمية