الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وتصح بإيجاب ك وهبت ونحلت وأطعمتك هذا الطعام ولو ) ذلك ( على وجه المزاح ) بخلاف أطعمتك أرضي فإنه عارية لرقبتها وإطعام لغلتها بحر ( أو الإضافة إلى ما ) أي إلى جزء ( يعبر به عن الكل ك وهبت لك فرجها وجعلته لك ) [ ص: 689 ] لأن اللام للتمليك بخلاف جعلته باسمك فإنه ليس بهبة وكذا هي لك حلال إلا أن يكون قبله كلام يفيد الهبة خلاصة ( وأعمرتك هذا الشيء وحملتك على هذه الدابة ) ناويا بالحمل الهبة كما مر ( وكسوتك هذا الثوب وداري لك هبة ) أو عمرى ( تسكنها ) لأن قوله : تسكنها مشورة لا تفسير لأن الفعل لا يصلح تفسيرا للاسم فقد أشار عليه في ملكه بأن يسكنه فإن شاء قبل مشورته ، وإن شاء لم يقبل ( لا ) لو قال ( هبة سكنى أو سكنى هبة ) بل تكون عارية أخذا بالمتيقن .

وحاصله : أن اللفظ إن أنبأ عن تملك الرقبة فهبة أو المنافع فعارية أو احتمل اعتبر النية نوازل وفي البحر أغرسه باسم ابني ، الأقرب الصحة

التالي السابق


( قوله : المزاح ) [ ص: 689 ] رده المقدسي على صاحب البحر وأجبنا عنه في هامشه ( وقوله : بخلاف جعلته باسمك ) قال في البحر : قيد بقوله : لك ; لأنه لو قال : جعلته باسمك ، لا يكون هبة ; ولهذا قال في الخلاصة : لو غرس لابنه كرما إن قال : جعلته لابني ، يكون هبة ، وإن قال : باسم ابني ، لا يكون هبة ، ولو قال : أغرس باسم ابني ، فالأمر متردد ، وهو إلى الصحة أقرب ا هـ .

وفي المتن من الخانية بعد هذا قال : جعلته لابني فلان ، يكون هبة ; لأن الجعل عبارة عن التمليك ، وإن قال : أغرس باسم ابني ، لا يكون هبة ، وإن قال : جعلته باسم ابني ، يكون هبة ; لأن الناس يريدون به التمليك والهبة ا هـ .

وفيه مخالفة لما في الخلاصة كما لا يخفى ا هـ .

قال الرملي : أقول : ما في الخانية أقرب لعرف الناس تأمل ا هـ .

وهنا تكملة لهذه لكن أظن أنها مضروب عليها لفهمها مما مر وهي وظاهره أنه أقره على المخالفة وفيه أن ما في الخانية فيه لفظ الجعل وهو مراد به التمليك بخلاف ما في الخلاصة ا هـ تأمل ، نعم عرف الناس التمليك مطلقا تأمل ( قوله : ليس بهبة ) بقي ما لو قال : ملكتك هذا الثوب مثلا ، فإن قامت قرينة على الهبة صحت ، وإلا فلا لأن التمليك أعم منها لصدقه على البيع والوصية والإجارة وغيرها وانظر ما كتبناه في آخر هبة الحامدية وفي الكازروني : أنها هبة .

[ فروع ] : في الهامش رجل قال لرجل : قد متعتك بهذا الثوب أو هذه الدراهم فقبضها فهي هبة ، وكذا لو قال لامرأة : قد تزوجها على مهر مسمى قد متعتك بهذه الثياب أو بهذه الدراهم ، فهي هبة كذا في محيط السرخسي فتاوى هندية .

أعطى لزوجته دنانير لتتخذ بها ثيابا وتلبسها عنده فدفعتها معاملة فهي لها قنية .

اتخذ لولده الصغير ثوبا يملكه وكذا الكبير بالتسليم بزازية .

لو دفع إلى رجل ثوبا ، وقال : ألبس نفسك ، ففعل يكون هبة ، ولو دفع دراهم وقال : أنفقها عليك يكون قرضا باقاني .

اتخذ لولده ثيابا ليس له أن يدفعها إلى غيره إلا إذا بين وقت الاتخاذ أنها عارية ، وكذا لو اتخذ لتلميذه ثيابا فأبق التلميذ ، فأراد أن يدفعها إلى غيره بزازية كذا في الهامش ( قوله : مشورة ) بضم الشين أي فقد أشار في ملكه بأن يسكنه فإن شاء قبل مشورته وإن شاء لم يقبل كقوله : هذا الطعام لك تأكله أو هذا الثوب لك تلبسه بحر ( قوله : لو قال هبة سكنى ) منصوب على الحال أو التمييز بحر ( قوله : أو سكنى هبة ) بالنصب ( قوله باسم ابني ) قدمنا الكلام فيه تقريبا . [ ص: 690 ] أقول : قوله : جعلته باسمك ، غير صحيح كما مر فكيف يكون ما هو أدنى رتبة منه أقرب إلى الصحة سائحاني .

قلت : قد يفرق بأن ما مر ليس خطابا لابنه بل لأجنبي ، وما هنا مبني على العرف تأمل




الخدمات العلمية