الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا تصح هبة لبن في ضرع وصوف على غنم ونخل في أرض وتمر في نخل ) لأنه كمشاع ( ولو فصله وسلمه جاز ) لزوال المانع وهل يكفي فصل الموهوب له [ ص: 694 ] بإذن الواهب ؟ ظاهر الدرر : نعم ( بخلاف دقيق في بر ودهن في سمسم وسمن في لبن ) حيث لا يصح أصلا ; لأنه معدوم فلا يملك إلا بعقد جديد ( وملك ) بالقبول ( بلا قبض جديد لو الموهوب في يد الموهوب له ) ولو بغصب أو أمانة ; لأنه حينئذ عامل لنفسه ، والأصل أن القبضين إذا تجانسا ناب أحدهما عن الآخر ، وإذا تغايرا ناب الأعلى عن الأدنى لا عكسه

التالي السابق


( قوله : لأنه كمشاع ) قال في شرح الدرر هذه نظائر المشاع لا أمثلتها فلا شيوع في شيء منها لكنها في حكم المشاع ، حتى إذا فصلت وسلمت صح ، وقوله : لأنه بمنزلة المشاع أقول : لا يذهب عليك أنه لا يلزم أن يأخذ حكمه في كل شيء ، وإلا لزم أن لا تجوز هبة النخل من صاحب الأرض ، كذا عكسه ، والظاهر خلافه ، والفرق بينهما أنه ما من جزء من المشاع وإن دق إلا وللشريك فيه ملك فلا تصح هبته ، ولو من الشريك ; لأن القبض الكامل فيه لا يتصور ، وأما نحو النخل في الأرض والتمر في النخل والزرع في الأرض ، لو كان كل واحد منها لشخص فوهب صاحب النخل نخله كله لصاحب الأرض أو عكسه فإن الهبة تصح ; لأن ملك كل منهما متميز عن الآخر ، فيصح قبضه بتمامه ، ولم أر من صرح به لكن يؤخذ الحكم من كلامهم ، ولكن إذا وجد النقل فلا يسعنا إلا التسليم .

[ ص: 694 ] فرع ] .

له عليه عشرة فقضاها فوجد القابض دانقا زائدا فوهبه للدائن أو للبائع أن الدراهم صحاحا يضرها التبعيض يصح ; لأنه مشاع لا يحتمل القسمة وكذا هبة بعض الدراهم والدنانير إن ضرها التبعيض تصح ، وإلا لا بزازية ( قوله : ظاهر الدرر نعم ) أقول صرح به في الخانية فقال : ولو وهب زرعا بدون الأرض أو تمرا بدون النخل ، وأمره بالحصاد والجذاذ ففعل الموهوب له ذلك جاز ; لأن قبضه بالإذن يصح في المجلس وبعده ، وفي الحامدية عن جامع الفتاوى : ولو وهب زرعا في أرض أو ثمرا في شجر أو حلية سيف أو بناء دار أو دينارا على رجل أو قفيزا من صبرة ، وأمره بالحصاد والجذاذ والنزع والنقض والقبض والكيل ففعل صح استحسانا إلخ ( قوله : أصلا ) أي وإن سلمها مفرزة ( قوله : لأنه معدوم ) أي حكما وكذا لو وهب الحمل وسلم بعد الولادة لا يجوز ; لأن في وجوده احتمالا فصار كالمعدوم منح ( قوله : جديد ) وهذا لأن الحنطة استحالت صارت دقيقا وكذا غيرها وبعد الاستحالة هو عين آخر على ما عرف في الغصب بخلاف المشاع ، لأنه محل للملك لا أنه لا يمكن تسليمه فإذا زال المانع جاز منح ( قوله بالقبول ) إنما اشترط القبول نصا لأنه إذا لم يوجد كذلك يقع الملك فيها بغير رضاه ، لأنه لا حاجة إلى القبض ولا يجوز ذلك لما فيه من توهم الضرر ، بخلاف ما إذا لم يكن في يده وأمره بقبضه فإنه يصح إذا قبض ولا يشترط القبول لأنه إذا قدم على القبض كان ذلك قبولا ورضا منه بوقوع الملك له فيملكه ، ط ملخصا .

وهذا معنى قوله بعد لأنه حينئذ عامل لنفسه أي حين قبل صريحا ( قوله بلا قبض ) أي بأن يرجع إلى الموضع الذي فيه العين ويمضي وقت يتمكن فيه من قبضها قهستاني ( قوله ولو بغصب ) انظر الزيلعي ( قوله عن الآخر ) كما إذا كان عنده وديعة فأعارها صاحبها له فإن كلا منهما قبض أمانة فناب أحدهما عن الآخر ( قوله عن الأدنى ) فناب قبض المغصوب والمبيع فاسدا عن قبض المبيع الصحيح ، ولا ينوب قبض الأمانة عنه منح ( قوله لا عكسه ) فقبض الوديعة مع قبض الهبة يتجانسان لأنهما قبض أمانة ومع قبض الشراء يتغايران لأنه قبض ضمان فلا ينوب الأول عنه كما في المحيط ، ومثله في شرح الطحاوي ، لكنه ليس على إطلاقه فإنه إذا كان مضمونا بغيره كالبيع المضمون بالثمن والمرهون المضمون بالدين لا ينوب قبضه عن القبض الواجب كما في المستصفى ، ومثله في الزاهدي ، فلو باع من المودع احتاج إلى قبض جديد ، وتمامه في العمادي قهستاني .




الخدمات العلمية