الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وما تصح إضافته إلى ) الزمان ( المستقبل [ ص: 256 ] الإجارة وفسخها والمزارعة والمعاملة والمضاربة والوكالة والكفالة والإيصاء والوصية والقضاء والإمارة والطلاق والعتاق والوقف ) فهي أربعة عشر ، وبقي العارية والإذن في التجارة فيصحان مضافين أيضا عمادية .

التالي السابق


مطلب ما يصح إضافته وما لا تصح

( قوله وما تصح إضافته إلخ ) شروع فيما يضاف وما لا يضاف بعد الفراغ من الكلام على التعليق ، ولم أر من ذكر لذلك ضابطا ، وسيأتي بيانه ثم الفرق بين التعليق والإضافة : هو التعليق يمنع المعلق عن السببية للحكم فإن نحو أنت طالق سبب للطلاق . في الحال ، فإذا قال أنت طالق إن دخلت الدار منع انعقاده سببا للحال وجعله متأخرا إلى وجود الشرط ، فعند وجوده ينعقد سببا مفضيا إلى حكمه وهو الطلاق . وأما الإيجاب المضاف مثل أنت طالق غدا فإنه ينعقد سببا للحال لانتفاء التعليق المانع من انعقاد السببية ، لكن يتأخر حكمه إلى الوقت المضاف إليه فالإضاقة لا تخرجه عن السببية بل تؤخر حكمه بخلاف التعليق ، فإذا قال إن جاء غد فلله علي أن أتصدق بكذا لا يجوز له التصدق قبل الغد لأنه لا تعجيل قبل السبب ، ولو قال لله علي أن أتصدق بكذا غدا له التعجيل [ ص: 256 ] قبله لأنه بعد السبب لأن الإضافة دخلت على الحكم لا السبب ، فهو تعجيل للمؤجل وتفرع عليه ما لو حلف لا يطلق امرأته فأضاف الطلاق إلى الغد حنث وإن علقه لم يحنث ، هذا حاصل ما ذكروه في كتب الأصول . وللمحقق ابن الهمام في التحرير أبحاث في الفرق بينهما ذكرها ابن نجيم في شرح المنار في فصل الأدلة الفاسدة . وقال : والفرق بينهما من أشكل المسائل .

( قوله الإجارة ) في جامع الفصولين : ولو قال آجرتك غدا فيه اختلاف والمختار أنها تجوز ثم في الإجارة المضافة إذا باع أو وهب قبل الوقت يفتى بجواز ما صنع وتبطل الإجارة ، فلو رد عليه بعيب بقضاء أو رجع في الهبة قبل الوقت عادت الإجارة ، ولو عاد إليه بملك مستقبل لا تعود الإجارة . وفي فتاوى ظهير الدين لو قال آجرتك هذه رأس كل شهر بكذا يجوز في قولهم ( قوله وفسخها ) في العزمية على الخانية أن الفتوى عليه . وفي الشرنبلالية : المعتمد اختيار عدم الصحة ، وهو المذكور في الكافي ، واختيار ظهير الدين ا هـ ففيه اختلاف التصحيح ( قوله والمزارعة والمعاملة ) فإنهما إجارة ، حتى إن من يجيزهما لا يجيزهما إلا بطريقها ويراعى فيهما شرائطها درر ( قوله والمضاربة والوكالة ) فإنهما من باب الإطلاقات والإسقاطات فإن تصرف المضارب والوكيل قبل العقد والتوكيل في مال المالك والموكل كان موقوفا حقا للمالك فهو بالعقد والتوكيل أسقطه فيكون إسقاطا فيقبل التعليق درر أي وإذا قبل التعليق يقبل الإضافة بالأولى ، لأن التعليق يمنع السببية ، بخلاف الإضافة كما علمت . وبه اندفع اعتراض المصنف في المنح بأن الكلام في الإضافة لا في التعليق ، لكن لم أر من صرح بصحة التعليق في المضاربة ، ولعله أراد بالتعليق التقييد بالشرط فإنهم يطلقون عليه لفظ التعليق تأمل .

( قوله والكفالة ) لأنها من باب الالتزامات فتجوز إضافتها إلى الزمان وتعليقها بالشرط الملائم درر ( قوله والإيصاء ) أي جعل الشخص وصيا والوصية بالمال فإنهما لا يفيدان إلا بعد الموت فيجوز تعليقهما وإضافتهما درر ( قوله والقضاء والإمارة ) فإنهما تولية وتفويض محض فجاز إضافتهما درر ( قوله والطلاق والعتاق ) فإنهما من باب الإطلاقات والإسقاطات وهو ظاهر درر ( قوله والوقف ) فإن تعليقه إلى ما بعد الموت جائز درر ، والكلام فيه كما مر في المضاربة والوكالة ( قوله وبقي العارية والإذن في التجارة ) قال في جامع الفصولين الذي جمع فيه الفصول العمادية والفصول الأسروشنية : تبطل إضافة الإعارة ، بأن قال إذا جاء غد فقد أعرتك لأنها تمليك المنفعة ، وقيل تجوز ، ولو قال أعرتك غدا تصح وقال قبله ولو قال لقنه إذا جاء غد فقد أذنت لك في التجارة صح الإذن ، ولو قال إذا جاء غد فقد حجرت عليك لا يصح ا هـ . وأنت خبير بأن الكلام في الإضافة ولفظ إذا جاء غد تعليق ويسمى إضافة باعتبار ذكر الوقف فيه لا حقيقة ، ولذا فرق في مسألة الإعارة بين ذكر إذا وعدمه ، فعد الإذن في التجارة هنا تبعا للقهستاني غير ظاهر تأمل . وفي جامع الفصولين إذا قال أبطلت خياري غدا بطل خياره وقدمنا فيما يصح تعليقه أن إسقاط القصاص لا يحتمل الإضافة إلى الوقت




الخدمات العلمية