الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومجازف في كلامه ) أو يحلف فيه كثيرا أو اعتاد شتم أولاده أو غيرهم لأنه معصية كبيرة كترك زكاة أو حج على رواية فوريته أو ترك جماعة أو جمعة ، أو أكل فوق شبع بلا عذر ، وخروج لفرجة [ ص: 481 ] قدوم أمير وركوب بحر ولبس حرير ، وبول في سوق أو إلى قبلة أو شمس أو قمر أو طفيلي ومسخرة ورقاص وشتام للدابة وفي بلادنا يشتمون بائع الدابة فتح وغيره . وفي شرح الوهبانية : لا تقبل شهادة البخيل لأنه لبخله يستقصي فيما يتقرض من الناس فيأخذ زيادة على حقه ، فلا يكون عدلا ولا شهادة الأشراف من أهل العراق لتعصبهم ونقل المصنف عن جواهر الفتاوى ، ولا من انتقل من مذهب أبي حنيفة إلى مذهب الشافعي رضي الله تعالى عنه وكذا بائع الأكفان والحنوط لتمنيه الموت ، وكذا الدلال والوكيل لو بإثبات النكاح ، أما لو شهد أنها امرأته تقبل والحيلة أنه يشهد بالنكاح ولا يذكر الوكالة بزازية وتسهيل ، واعتمده قدري أفندي في واقعاته ، وذكره المصنف في إجارة معينة معزيا للبزازية ; وملخصه أنه لا تقبل شهادة الدلالين والصكاكين والمحضرين والوكلاء المفتعلة على أبوابهم ، ونحوه في فتاوى مؤيد زاده ، وفيها وصي أخرج من الوصاية بعد قبولها لم تجز شهادته للميت أبدا ، وكذا الوكيل بعدما أخرج من الوكالة إن خاصم اتفاقا ، وإلا فكذلك عند أبي يوسف .

التالي السابق


( قوله أو اعتاد شتم أولاده ) قال في الفتح : وقال نصير بن يحيى : من يشتم أهله ومماليكه كثيرا في كل ساعة لا يقبل وإن كان أحيانا يقبل وكذا الشتام للحيوان كدابته ا هـ .

( قوله كترك زكاة ) الصحيح أن تأخير الزكاة لا يبطل العدالة ، وذكر الخاصي عن قاضي خان أن الفتوى على سقوط العدالة بتأخيرها من غير عذر لحق الفقراء دون الحج خصوصا في زماننا ، كذا في شرح النظم الوهباني منح في الفروع آخر الباب .

( قوله أو ترك جماعة ) قال في فتح القدير : منها ترك الصلاة بالجماعة بعد كون الإمام لا طعن عليه في دين ولا حال ، وإن كان متأولا كأن يكون معتقدا أفضليتها أول الوقت والإمام يؤخر الصلاة أو غير ذلك لا تسقط عدالته بالترك ، وكذا بترك الجمعة من غير عذر ، فمنهم من أسقطها بمرة واحدة كالحلواني ، ومنهم من شرط ثلاث مرات كالسرخسي والأول أوجه ا هـ لكن قدمنا عنه أن الحكم بسقوط العدالة بارتكاب الكبيرة يحتاج إلى الظهور تأمل .

( قوله بلا عذر ) احتراز عما إذا أراد التقوي على صوم الغد أو مؤانسة [ ص: 481 ] الضيف كما في الشرنبلالية والفتح .

( قوله قدوم أمير ) إلا أن يذهب للاعتبار فحينئذ لا تسقط عدالته .

( قوله فيما يتقرض ) عبارة غيره يقرض .

( قوله الأشراف من أهل العراق ) أي لأنهم قوم يتعصبون فإذا نابت أحدهم نائبة أتى سيد قومه فيشهد له ويشفع فلا يؤمن أن يشهد له بزور ا هـ وعلى هذا كل متعصب لا تقبل شهادته بحر كذا في الهامش .

( قوله من مذهب أبي حنيفة ) أي استخفافا . قال في القنية من كتاب الكراهية : ليس للعامي أن يتحول من مذهب إلى مذهب ، ويستوي فيه الحنفي والشافعي ، وقيل لمن انتقل إلى مذهب الشافعي ليزوج له أخاف أن يموت مسلوب الإيمان لإهانته للدين لجيفة قذرة . وفي آخر هذا الباب من المنح : وإن انتقل إليه لقلة مبالاته في الاعتقاد والجراءة على الانتقال من مذهب إلى مذهب كما يتفق له ويميل طبعه إليه لغرض يحصل له فإنه لا تقبل شهادته ا هـ . فعلم بمجموع ما ذكرناه أن ذلك غير خاص بانتقال الحنفي وأنه إذا لم يكن لغرض صحيح ، فافهم ولا تكن من المتعصبين فتحرم بركة الأئمة المجتهدين ، وقدمنا هذا البحث مستوفى في فصل التعزير فارجع إليه .

( قوله وكذا بائع الأكفان ) إذا ابتكر وترصد لذلك جامع الفتاوى وبحر .

( قوله لتمنيه الموت ) وإن لم يتمنه بأن كان عدلا تقبل كذا قيده شمس الأئمة س .

( قوله وكذا الدلال ) أي فيما عقده أو مطلقا لكثرة كذبه .

( قوله والحيلة إلخ ) مقتضاه أن من لا تقبل شهادته لعلة يجوز له أن يخفيها ويشهد ، كما إذا كان عبدا للمشهود له أو ابنه أو نحو ذلك فليتأمل .

( قوله بزازية ) عبارتها ، وشهادة الوكيلين أو الدلالين إذا قالا نحن بعنا هذا الشيء أو الوكيلان بالنكاح أو بالخلع إذا قالا نحن فعلنا هذا النكاح أو الخلع لا تقبل ، أما لو شهد الوكيلان بالبيع أو النكاح أنها منكوحته أو ملكه تقبل ، وذكر أبو القاسم ، أنكر الورثة النكاح فشهد رجل قد تولى العقد والنكاح يذكر النكاح ولا يذكر أنه تولاه ا هـ .

( قوله والوكلاء المفتعلة ) أي الذين يجتمعون على أبواب القضاة يتوكلون للناس بالخصومات ح كذا في الهامش .

( قوله على أبوابهم ) أي القضاة .

( قوله وفيها ) مكرر مع ما يأتي متنا .




الخدمات العلمية