الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 2941 ] أبو الحسين بن الفضل ، حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب ، حدثنا عبد الله بن عثمان ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، حدثنا المستلم بن سعيد الواسطي ، حدثنا حماد بن جعفر بن زيد العبدي ، أن أباه أخبره قال : خرجنا في غزوة إلى كابل وفي الجيش صلة بن أشيم قال فنزل الناس عند العتمة ، فقلت : لأرمقن عمله فأنظر ما يذكر الناس من عبادته فصلى العتمة ثم اضطجع فالتمس غفلة الناس ، حتى إذا قلت هدأت [ ص: 527 ] العيون وثب ، فدخل غيضة قريبا منه ، ودخلت في أثره فتوضأ ، ثم قام يصلي فافتتح ، قال : وجاء أسد حتى دنا منه ، فصعدت في شجرة . فقلت : أفتراه التفت إليه أو عذبه جرذا حتى سجد فقلت : الآن يفترسه ، فلا شيء ، فجلس ثم سلم فقال : أيها السبع اطلب الرزق من مكان آخر فولى ، وإن له زئيرا أقول لتصدع الجبال منه ، فما زال كذلك يصلي حتى إذا كان عند الصبح جلس ، فحمد الله محامد لم أسمع مثلها إلا ما شاء الله ، ثم قال : اللهم إني أسألك أن تجيرني من النار ، أو مثلي يجترئ أن يسألك الجنة ؟ ثم رجع ، فأصبح كأنه بات على الحشايا ، وأصبحت وبي من الفترة شيء الله به عليم .

قال : فلما دنونا من أرض العدو قال الأمير : لا يشذن أحد من العسكر ، قال : فذهبت بغلته - يعني بغلة صلة - بثقلها فأخذ يصلي فقالوا له : إن الناس قد ذهبوا (فمضى ، ثم قال : دعوني أصلي ركعتين ، قالوا : إن الناس قد ذهبوا) قال : إنما هما خفيفتان : قال : فدعا ثم قال : اللهم إني أقسم عليك أن ترد علي بغلتي وثقلها . قال : فجاءت حتى قامت بين يديه ، فلما لقينا العدو حمل هو وهشام بن عامر فصنعا بهم طعنا وضربا وقتلا ، قال فكسر ذلك اليوم العدو ، وقالوا : إن رجلين من العرب صنعا بنا هذا ، فكيف لو قاتلونا ؟ فأعطوا المسلمين حاجتهم . فقلت لأبي هريرة : إن هشام بن عامر - وكان يجالسه - ألقى بيده إلى التهلكة ، فأخبره خبره ، فقال أبو هريرة : " كلا ولكنه التمس هذه الآية : ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد ) " .

التالي السابق


الخدمات العلمية