الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 172 - 173 ] وإن هدم مكتر تعديا : فللمستحق النقض وقيمة الهدم ، وإن أبرأه مكريه كسارق عبد ، ثم استحق ; [ ص: 174 ] بخلاف مستحق مدعي حرية ، إلا القليل ،

التالي السابق


( وإن ) اكترى شخص دارا مثلا من ذي شبهة ، و ( هدم ) الـ ( مكتر ) ي الدار هدما ( تعديا ) بأن كان بغير إذن مكريها ثم استحقت الدار ( فللمستحق ) على المكتري المتعدي بالهدم ( النقض ) بضم النون وبالضاد المعجمة أي المنقوض من حجر وآجر وخشب ونحوها ( وقيمة ) أي أرش نقص ( الهدم ) بأن تقوم الدار مثلا مبنية ومهدومة ، ويلزم الهادم ما بين القيمتين إن لم يبره قبل الاستحقاق مكريه ، بل ( وإن ) كان ( أبرأه ) أي الهادم ( مكريه ) بضم فسكون فكسر أي الذي أكرى له من قيمة الهدم لأنه تبين أنه لا حق له ، ومفهوم تعديا أنه إن لم يتعد في الهدم بأن أذن له فيه مكريه فلا يلزمه أرش الهدم ، وليس للمستحق إلا النقض إن بقي أو ثمنه إن بيع وفات .

وشبه في غرم المتعدي وإن أبرأه الجائز فقال ( كسارق عبد ) بإضافة اسم الفاعل لمفعوله ، أي رق من مبتاع أبرأه المبتاع من قيمته ( ثم استحق ) بضم التاء وكسر الحاء المهملة العبد فلمستحقه قيمته على سارقه لا على مبتاعه . " ق " فيها لابن القاسم من اكترى دارا فهدمها تعديا ثم قام مستحقها فله أخذ النقض إن وجده قائما وقيمة الهدم من الهادم ولو كان المكري قد ترك للمكتري قيمة الهدم قبل الاستحقاق لرجع بها المستحق على [ ص: 174 ] الهادم كان مليا أو معدما لأن ذلك لزم ذمته بتعديه ، ولا يرجع على المكري ، إذ لم يتعد وفعل ما يجوز له ، وهو كمن ابتاع عبدا فسرقه منه رجل فترك له قيمته ، ثم قام ربه فإنما يتبع السارق خاصة في التنبيهات .

قوله قيمة الهدم قيل بما بين قيمتها بقعة وأنقاضا وقيمتها بذلك البناء ، وقيل ما أفسد من البناء . وعند ابن حبيب يضمن ما ينفق في البناء . وقيل يأخذ النقض من مستحقها ثم يغرم له ما أفسد من الهدم . أبو الحسن قول عياض بما بينها بقعة يعني مع الأنقاض ثم قال ورأيته أي القول الأخير في كلام التنبيهات في موضع آخر يأخذ النقض مستحقه ، فعلى ما في التنبيهات يغرم قيمة البناء قائما ، ويكون النقض له كالمتعدي على سلعة بإفساد كثير أفات المقصود منها فيغرم قيمتها وتكون له ، وعلى ما في الموضع الآخر يكون هو التأويل الثاني .

وأخرج من قوله أو غلتها فقال ( بخلاف ) شخص ( مستحق ) بكسر الحاء المهملة شخص ( مدعي ) بضم الميم وشد الدال وكسر العين ( حرية ) لنفسه نزل بلدا واستعمله شخص في أعمال ثم استحق برقبته لشخص فله أخذ أجرة عمله ممن استعمله ( إلا ) العمل ( القليل ) كسقي الدابة وشراء فاكهة أو لحم من سوق قريب . " ق " فيها لو نزل عبد ببلد وادعى الحرية فاستعانه رجل فعمل له عملا له بال من غناء أو غرس أو غيره بغير أجر أو وهبه مالا ، فلربه إذا استحقه أخذ قيمة عمله ممن استعمله إلا أن يكون عملا لا بال له كسقي الدابة ونحوه .

وفي كتاب محمد إنما يأخذ قيمة عمله إن كان قائما ، فإن فات فلا شيء له ، وظاهره سواء طالت إقامته وهو يدعي الحرية أم لا . وفي النكت إذا استأجره رجل في عمل ودفع إليه الأجرة ثم أتى سيده وقد أتلف العبد الأجرة فلا غرم على الذي استأجره إن كان ظاهر الحرية لأنه لم يتعد في الدفع إليه ، وكذا حكى بعض من تقدم من الشيوخ إلا أنه قال إن طالت إقامة العبد واستفاضت حريته وإلا غرم دافع الأجر ثانية ، وخالفه غيره ، وقال يغرم على كل حال لأن العبد باع سلعة مولاه بغير إذنه فلا يبرأ [ ص: 175 ] من دفع إليه لأنه دفع لغير مستحق ، قال وهذا عندي أقيس ، والأول أشبه بظاهر المدونة قياسا على من مات فأنفذت وصاياه وبيعت تركته ، ثم استحقت رقبته ا هـ كلام الشارح .




الخدمات العلمية