الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 229 ] وكأن أسقط بعضهم ، أو غاب [ ص: 230 ] أو أراد المشتري ، ولمن حضر حصته ، وهل العهدة عليه ، أو على المشتري ، أو على المشتري فقط : كغيره ، ولو أقاله البائع [ ص: 231 ] إلا أن يسلم قبلها ؟ تأويلان

التالي السابق


وعطف على المشبه في عدم التبعيض مشبها فيه فقال ( وكأن ) بفتح الهمز وسكون النون حرف مصدري صلته ( أسقط بعضهم ) أي الشفعاء حقه في الشفعة فليس لباقيهم التبعيض ، بل إما أن يأخذ الجميع أو يدعه ( أو غاب ) بعضهم فليس للحاضر ، إلا أخذ الجميع أو تركه . " ق " فيها لمالك " رضي الله عنه " من ابتاع شقصا له شفيعان فسلم أحدهما فليس للآخر أن يأخذ بقدر حصته إذا أبى عليه المبتاع ، فإما أخذ الجميع أو تركه ، وإن شاء هذا القائم أخذ الجميع فليس للمبتاع أن يقول لا تأخذ إلا بقدر حصتك ومن ابتاع شقصا [ ص: 230 ] من دار له شفعاء غيب إلا واحدا حاضرا فأراد أخذ الجميع ومنعه المبتاع أخذ حظوظ الغياب ، أو قال له المبتاع خذ الجميع ، وقال الشفيع لا آخذ إلا حصتي ، فإن للشفيع في الوجهين أن يأخذ الجميع أو يتركه . وإن قال الشفيع أنا آخذ حصتي وإذا قدم أصحابي فإن أخذوا شفعتهم وإلا أخذت لم يكن له ذلك إما أن يأخذ الجميع أو يدع ، فإن سلم فلا آخذ له مع أصحابه إن قدموا ولهم أن يأخذوا الجميع أو يدعوا فإن سلموا إلا واحدا قيل له خذ الجميع أو دعه ، ولو أخذ الحاضر الجميع ثم قدموا فلهم أن يدخلوا كلهم معه إن أحبوا أو الصغير إذا لم يكن له من يأخذ الشفعة كالغائب وبلوغه كقدوم الغائب .

( أو أراده ) أي التبعيض ( المشتري ) وأباه الشفيع فلا يجاب المشتري إلا برضا الشفيع ( و ) إن أخذ الحاضر جميع ما يشفع فيه هو وشريكه الغائب ثم حضر الغائب ف ( لمن حضر ) بعد غيبته من الشفعاء ( حصته ) من المشفوع فيه الذي أخذه الحاضران إن أحب الأخذ فيما لو أخذ الحاضر الجميع ثم قدموا فلهم أن يدخلوا كلهم معه إن أحبوا فيأخذوا بقدر ما كان لهم من شفعتهم .

( و ) اختلف في جواب ( هل العهدة ) أي ضمان ثمن حصة من حضر بعد غيبته إن ظهر فيها عيب أو استحقت ( عليه ) أي الشفيع الذي حضر ابتداء وأخذ الجميع لأن الذي حضر بعد غيبته إنما أخذ حصته منه لا من المشتري ولأن الذي حضرها لو أسقط شفعته فلا ترجع للمشتري ، بل تبقى لمن هي بيده وهو الحاضر ابتداء ( أو ) العهدة ( على المشتري ) لأن الشفيع الأول إنما أخذ من المشتري حصة الغائب نيابة عنه ، وشبه في كون العهدة على المشتري فقال ( ك ) عهدة ( غيره ) أي من حضر بعد غيبته وهو الحاضر ابتداء فعهدته على المشتري إن لم يقله البائع ، بل ( ولو أقاله ) أي البائع المشتري فلا تسقط الشفعة بالإقالة ، وعهدة الشفيع على المشتري والإقالة هنا غير معتبرة لاتهامهما على إسقاط [ ص: 231 ] الشفعة ، هذا مذهب المدونة ، وأشار بولو لقول الإمام مالك " رضي الله عنه " أيضا يخير الشفيع في جعل عهدته على البائع أو على المشتري بناء على أن الشفعة هنا بيع ، وهذا الخلاف في كل حال إلا ( أن ) بفتح الهمز وسكون النون حرف مصدري صلته ( يسلم ) بضم ففتح فكسر مثقلا الشفيع شفعته للمشتري ويترك الأخذ بها ( قبلها ) أي الإقالة ، ثم أقال البائع المشتري أو عكسه ، فإن أخذ الشفيع بعد الإقالة من البائع فعهدته عليه . ابن المواز لأنها صارت بيعا حادثا . عياض باتفاق ، وأما لو سلم بعدها فلا شفعة لإسقاط له حقه ، وليس ثم موجب يأخذ به في الجواب ( تأويلان ) فيما قبل الكاف .

" غ " قوله وهل العهدة عليه وعلى المشتري أو على المشتري فقط هكذا في بعض النسخ ، وبه تصح المسألة على ما ذكر ابن رشد في المقدمات ، ونصها عهدة الشفيع على المشتري لا على البائع ، سواء أخذها من يد البائع قبل القبض أو من يد المشتري بعده ، هذا ما ذهب إليه مالك وأصحابه رضي الله تعالى عنهم وإذا باع المبتاع الشقص أخذه الشفيع ممن شاء منهما ، وكذلك قال أشهب إذا غاب الشفعاء إلا واحدا فأخذ جميع الشفعة ثم جاء أحد الغيب كان مخيرا في كتب عهدته إن شاء على المشتري ، وإن شاء على الشفيع لأنه كان مخيرا في الأخذ فهو كمشتر من المشتري . وإن جاء ثالث كان مخيرا إن شاء كتب عهدته على المشتري ، وإن شاء على الشفيع الأول ، وإن شاء عليه وعلى الثاني .

فقيل قول أشهب هذا خلاف مذهب ابن القاسم وأنه لا يكتب عهدته . على مذهب ابن القاسم إلا على المشتري ، وليس ذلك بصحيح عندي والصواب أن قول أشهب مفسر لمذهب ابن القاسم ، فقول المصنف هل العهدة عليه أو على المشتري هو التأويل الذي اختاره ابن رشد أن القادم مخير ، فأو فيه للتخيير ، وقوله أو على المشتري فقط هو التأويل الذي ذكره ابن رشد ، وقطع به عبد الحق في النكت ، وعلى هذه الصورة ذكر التأويلين في التوضيح ، فلعل بعض من نسخ من المبيضة ظن تكرار إحدى الجملتين [ ص: 232 ] فأسقطها ، وهذا مختل لأن مقتضاه أن التأويل الأول تعيين عهدة القادم على الشفيع الأول ، ولم أر من قاله ، ولا يخفى على من مارس اصطلاحه في هذا المختصر أن التشبيه في قوله كغيره راجع للتأويل الثاني فقط ، وأن قوله تأويلان راجع لأول الكلام ا هـ .

وفيها للإمام مالك " رضي الله عنه " من اشترى شقصا ثم استقال منه فللشفيع الشفعة بعهدة البيع وتبطل الإقالة ، وليس له الأخذ بعهدة الإقالة ، والإقالة عند الإمام مالك " رضي الله عنه " بيع حادث في الأشياء إلا في هذا . ابن المواز لأنه ينزل أمره على أنه هرب من العهدة .

أشهب والقياس عندي أن يأخذ من أيهما شاء ، ولو قال قائل لم أعبه ولكن الاستحسان أن لا تكون له شفعة إلا على المشتري لفراره من العهدة فيها وإن سلم الشفيع شفعته صحت الإقالة .

ابن المواز وإذا سلم الشفيع شفعته ثم تقابل المتبايعان كان للشفيع الشفعة بعهدة الإقالة من البائع ، وتصير بيعا حادثا لزوال التهمة . المصنف وغيره كل هذا إذا كانت الإقالة بمثل الثمن ، فإن كانت بزيادة أو نقص فالشفعة بأي البيعتين شاء اتفاقا . الباجي التولية والشركة كالإقالة .




الخدمات العلمية